مُتَأَوِّلٌ - قَبَّحَهُ اللَّهُ - وَلَكِنَّهُ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ فَاسِدٌ، مُورِدُ صَاحِبِهِ النَّارَ، وَلَمَّا ضَرَبَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: الْحُكْمُ لِلَّهِ يَا عَلِيُّ، لَا لَكَ وَلَا لِأَصْحَابِكَ، وَمُرَادُهُ أَنَّ رِضَاهُ بِتَحْكِيمِ الْحَكَمَيْنِ: أَبِي مُوسَى، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، كُفْرٌ بِاللَّهِ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلَّهِ وَحْدَهُ ; لِقَوْلِهِ: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ [٦ ٥٧ - ١٢ ٤٠].
وَلَمَّا أَرَادَ أَوْلَادُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَتَشَفَّوْا مِنْهُ فَقُطِعَتْ يَدَاهُ وَرَجُلَاهُ لَمْ يَجْزَعْ، وَلَا فَتَرَ عَنِ الذِّكْرِ، ثُمَّ كُحِّلَتْ عَيْنَاهُ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَذْكُرُ اللَّهَ، وَقَرَأَ سُورَةَ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [٩٦ ١] إِلَى آخِرِهَا، وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَتَسِيلَانِ عَلَى خَدَّيْهِ، ثُمَّ حَاوَلُوا لِسَانَهُ لِيَقْطَعُوهُ فَجَزِعَ مِنْ ذَلِكَ جَزَعًا شَدِيدًا، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَمْكُثَ فَوَاقًا لَا أَذْكُرُ اللَّهَ (اهـ) ذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُ.
وَلِأَجْلِ هَذَا قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ السَّدُوسِيُّ يَمْدَحُ ابْنَ مُلْجِمٍ - قَبَّحَهُ اللَّهُ - فِي قَتْلِهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:

يَا ضَرْبَةً مِنْ تَقِيٍّ مَا أَرَادَ بِهَا إِلَّا لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ رِضْوَانًا
إِنِّي لَأَذْكُرُهُ يَوْمًا فَأَحْسَبُهُ أَوْفَى الْبَرِّيَّةِ عِنْدَ اللَّهِ مِيزَانَا
وَجَزَى اللَّهُ خَيْرًا الشَّاعِرَ الَّذِي يَقُولُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
قُلْ لِابْنِ مُلْجِمٍ وَالْأَقْدَارُ غَالِبَةٌ هَدَمْتَ وَيْلَكَ لِلْإِسْلَامِ أَرْكَانَا
قَتَلْتَ أَفْضَلَ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمٍ وَأَوَّلَ النَّاسِ إِسْلَامًا وَإِيمَانَا
وَأَعْلَمَ النَّاسِ بِالْقُرْآنِ ثُمَّ بِمَا سَنَّ الرَّسُولُ لَنَا شَرْعًا وَتِبْيَانَا
صِهْرُ النَّبِيِّ وَمَوْلَاهُ وَنَاصِرُهُ أَضْحَتْ مَنَاقِبُهُ نُورًا وَبُرْهَانَا
وَكَانَ مِنْهُ عَلَى رَغْمِ الْحَسُودِ لَهُ مَكَانُ هَارُونَ مِنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَا
ذَكَرْتُ قَاتِلَهُ وَالدَّمْعُ مُنْحَدِرٌ فَقَلْتُ سُبْحَانَ رَبِّ الْعَرْشِ سُبْحَانَا
إِنِّي لَأَحْسَبُهُ مَا كَانَ مِنْ بَشَرٍ يَخْشَى الْمَعَادَ وَلَكِنْ كَانَ شَيْطَانَا
أَشْقَى مُرَادٍ إِذَا عُدَّتْ قَبَائِلُهَا وَأَخْسَرُ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مِيزَانَا
كَعَاقِرِ النَّاقَةِ الْأُولَى الَّتِي جَلَبَتْ عَلَى ثَمُودَ بِأَرْضِ الْحِجْرِ خُسْرَانَا
قَدْ كَانَ يُخْبِرُهُمْ أَنْ سَوْفَ يُخَضِّبُهَا قَبْلَ الْمَنِيَّةِ أَزْمَانًا فَأَزْمَانَا
فَلَا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ مَا تَحَمَّلَهُ وَلَا سَقَى قَبْرَ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَا
لِقَوْلِهِ فِي شَقِيٍّ ظَلَّ مُجْتَرِمًا وَنَالَ مَا نَالَهُ ظُلْمًا وَعُدْوَانَا