يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ، وَلَا يَسْتَحِيلُ أَنْ يَتَعَلَّمَ مَعْنَاهُ وَيَبْحَثَ عَنْهُ، هَلْ هُوَ مَنْسُوخٌ أَوْ مُخَصَّصٌ أَوْ مُقَيَّدٌ حَتَّى يَعْلَمَ ذَلِكَ فَيَعْمَلَ بِهِ.
وَسُؤَالُ أَهْلِ الْعِلْمِ: هَلْ لِهَذَا النَّصِّ نَاسِخٌ أَوْ مُخَصِّصٌ أَوْ مُقَيِّدٌ مَثَلًا. وَإِخْبَارُهُمْ بِذَلِكَ لَيْسَ مَنْ نَوْعِ التَّقْلِيدِ، بَلْ هُوَ مَنْ نَوْعِ الِاتِّبَاعِ.
وَسَنُبَيِّنُ إِنْ شَاءَ اللَّهَ الْفَرْقَ بَيْنَ التَّقْلِيدِ وَالِاتِّبَاعِ فِي مَسْأَلَةِ التَّقْلِيدِ الْآتِيَةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الَّتِي لَا تُحْصَى وَارِدَةٌ بِإِلْزَامِ جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ بِالْعَمَلِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا التَّخْصِيصُ بِمَنْ حَصَّلَ شُرُوطَ الِاجْتِهَادِ الْمَذْكُورَةَ. وَسَنَذْكُرُ طَرَفًا مِنْهَا لِنُبَيِّنَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهَا بِتَحْصِيلِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ [٧ ٣]، وَالْمُرَادُ بِـ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ هُوَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ الْمُبَيِّنَةُ لَهُ لَا آرَاءُ الرِّجَالِ.
وَقَالَ تَعَالَى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا [٤ ٦١].
فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ أَنَّ مَنْ دُعِيَ إِلَى الْعَمَلِ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَصَدَّ عَنْ ذَلِكَ - أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُنَافِقِينَ ; لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ الْأَلْفَاظِ لَا بِخُصُوصِ الْأَسْبَابِ.
وَقَالَ تَعَالَى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [٤ ٥٩]، وَالرَّدُّ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ هُوَ الرَّدُّ إِلَى كِتَابِهِ، وَالرَّدُّ إِلَى الرَّسُولِ بَعْدَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الرَّدُّ إِلَى سُنَّتِهِ.
وَتَعْلِيقُهُ الْإِيمَانَ فِي قَوْلِهِ: إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ عَلَى رَدِّ التَّنَازُعِ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ يَرُدُّ التَّنَازُعَ إِلَى غَيْرِهِمَا لَمْ يَكُنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ.
وَقَالَ تَعَالَى: وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ [٣٩ ٥٥]، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقُرْآنَ أَحْسَنُ مَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا، وَالسُّنَّةُ