الْمَهْرُ بِالْعَقْدِ لِامْتِنَاعٍ اسْتِبَاحَةِ الْبُضْعِ بِغَيْرِ بَدَلٍ ثُمَّ يَسْقُطُ فِي الثَّانِي حِينَ يَسْتَحِقُّهُ الْمَوْلَى لأنها لا تمك وَالْمَوْلَى هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ مَالَهَا وَلَا يَثْبُتُ لِلْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَهَهُنَا حَالَانِ إحْدَاهُمَا حَالٌ الْعَقْدُ يُثْبِتُ فِيهَا الْمَهْرَ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ هِيَ حَالُ انْتِقَالِهِ إلَى الْمَوْلَى بَعْدَ الْعَقْدِ فَيَسْقُطُ كَمَا أَنَّ رَجُلًا لَوْ كان له على آخر مال فقضاه كان قَبَضَهُ حَالَانِ إحْدَاهُمَا حَالُ قَبْضِهِ فَيَمْلِكُهُ مَضْمُونًا بِمِثْلِهِ ثُمَّ يَصِيرُ قِصَاصًا بِمَالِهِ عَلَيْهِ وَكَمَا نقول فِي الْوَكِيلِ فِي الشِّرَى إنَّ الْمُشْتَرَى انْتَقَلَ إلَيْهِ بِالْعَقْدِ وَلَا يَمْلِكُهُ وَيَنْتَقِلُ فِي الثَّانِي مِلْكُهُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ لَا يفهمها إلا من ارتاص بالمعاني الْفِقْهِيَّةَ وَجَالَسَ أَهْلَ فِقْهِ هَذَا الشَّأْنِ وَأَخَذَ عَنْهُمْ قَوْله تَعَالَى مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَانْكِحُوهُنَّ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وأمر بأن يكون العقد عليها بالنكاح صَحِيحٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ وَطْؤُهَا عَلَى وَجْهِ الزنا لأن الإحصان هاهنا بالنكاح والسفاح الزنا وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ يَعْنِي لَا يَكُونُ وَطْؤُهَا عَلَى حَسَبِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ عَادَةُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي اتِّخَاذِ الأخذان قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ قَوْمٌ مِنْهُمْ يُحَرِّمُونَ مَا ظَهَرَ مِنْ الزِّنَا وَيَسْتَحِلُّونَ مَا خَفِيَ مِنْهُ وَالْخِدْنُ هُوَ الصَّدِيقُ لِلْمَرْأَةِ يَزْنِي بِهَا سِرًّا فَنَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطْنَ وَزَجَرَ عَنْ الْوَطْءِ إلَّا عَنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ وَسَمَّى اللَّهُ الْإِمَاءَ الْفَتَيَاتِ بِقَوْلِهِ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَالْفَتَاةُ اسْمٌ لِلشَّابَّةِ وَالْعَجُوزُ الْحُرَّةِ لَا تُسَمَّى فَتَاةً وَالْأَمَةُ الشَّابَّةُ وَالْعَجُوزُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تُسَمَّى فَتَاةً وَيُقَالُ إنَّهَا سُمِّيَتْ فَتَاةً وَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ أَمَةً لَا تُوَقَّرُ تَوْقِيرَ الْكَبِيرَةِ وَالْفُتُوَّةُ حَالُ الْغِرَّةِ وَالْحَدَاثَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
بَابٌ حَدُّ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قُرِئَ فَإِذَا أَحْصَنَّ بِفَتْحِ الْأَلِفِ وَقُرِئَ بِضَمِّ الْأَلِفِ فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ أَنَّ أُحْصِنَّ بِالضَّمِّ مَعْنَاهُ تَزَوَّجْنَ وَعَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ أُحْصِنَّ بِالْفَتْحِ قَالُوا مَعْنَاهُ أَسْلَمْنَ وَقَالَ الْحَسَنُ يُحْصِنُهَا الزَّوْجُ وَيُحْصِنُهَا الْإِسْلَامُ وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي حَدِّ الْأَمَةِ مَتَى يَجِبُ فَقَالَ من تأول قوله فَإِذا أُحْصِنَّ بِالضَّمِّ عَلَى التَّزْوِيجِ إنَّ الْأَمَةَ لَا يَجِبْ عَلَيْهَا الْحَدُّ وَإِنْ أَسْلَمَتْ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ وَمَنْ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ فَإِذا أُحْصِنَّ بِالْفَتْحِ عَلَى