الْقُعَيْسِ زَوْجَ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْ عَائِشَةَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ اللَّبَنِ هُوَ مَاءُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ جَمِيعًا لِأَنَّ الْحَمْلَ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الرَّضَاعُ مِنْهُمَا كَمَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْهُمَا وَإِنْ اخْتَلَفَ سَبَبُهُمَا فَإِنْ قِيلَ قَدْ رَوَى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عن عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُدْخِلُ عَلَيْهَا مَنْ أَرْضَعْته أَخَوَاتُهَا وَبَنَاتُ أَخِيهَا وَلَا تُدْخِلُ عَلَيْهَا مَنْ أَرْضَعْته نِسَاءُ إخْوَتِهَا قِيلَ لَهُ هَذَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا وَرَدَ فِي لَبَنِ الْفَحْلِ إذْ كَانَ لَهَا أَنْ تَأْذَنَ لِمَنْ شَاءَتْ مِنْ مَحَارِمِهَا وَتَحْجُبَ مَنْ شَاءَتْ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ الْبِنْتَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْجَدِّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ مَائِهِ لِأَنَّهُ كَانَ سَبَبَ حُدُوثِ الْأَبِ الَّذِي هُوَ مِنْ مَائِهِ كَذَلِكَ الرَّجُلُ لَمَّا كَانَ هُوَ سَبَبَ نُزُولِ اللَّبَنِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اللَّبَنُ مِنْهُ إذْ كَانَ هُوَ سَبَبَهُ كَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي التَّنْزِيلِ مِنْ الرَّضَاعِ الْأُمَّهَاتُ وَالْأَخَوَاتُ مِنْ الرَّضَاعَةِ إلَّا أَنَّهُ
قَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ الْمُوجِبِ لِلْعِلْمِ أَنَّهُ قَالَ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَاَللَّهُ أعلم.
بَابُ أُمَّهَاتُ النِّسَاءِ وَالرَّبَائِبُ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ولم تختلف الأمة أن الربائب لا يحر من بِالْعَقْدِ عَلَى الْأُمِّ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا أَوْ يَكُونَ مِنْهُ مَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ مِنْ اللَّمْسِ والنظر على ما بيناه فيما سلف هو نَصُّ التَّنْزِيلِ فِي قَوْله تَعَالَى فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ هَلْ يَحْرُمْنَ بالعقد دون الدخول فسوى
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلَاسٍ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا وَإِنْ تَزَوَّجَ أُمَّهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ يَتَزَوَّجُ بِنْتَهَا تَجْرِيَانِ مَجْرًى وَاحِدًا
وَأَهْلُ النَّقْلِ يُضَعِّفُونَ حَدِيثَ خِلَاسٍ عَنْ عَلِيٍّ وَيُرْوَى عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا مَا يَرْوِيهِ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بْنِ حَفْصٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مسلم ابن عُوَيْمِرِ بْنِ الْأَجْدَعِ عَنْهُ أَنَّ أُمَّ الْمَرْأَةِ لَا تَحْرُمُ إلَّا بِالدُّخُولِ وَالْأُخْرَى مَا يَرْوِيهِ عِكْرِمَةُ عَنْهُ أَنَّهَا تَحْرُمُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَقَالَ عمرو عبد اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَمَسْرُوقٌ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ تَحْرُمُ بِالْعَقْدِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَرَوَى أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سفيان