دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الِاحْتِلَامَ بُلُوغٌ وَقَوْلُهُ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ يَعْنِي بَعْدَ هَذِهِ الْعَوْرَاتِ الثَّلَاثِ جَائِزٌ لِلْإِمَاءِ وَاَلَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ أَنْ يَدْخُلُوا بِغَيْرِ استئذان إذ كانت الأوقات الثلاث هي حَالُ التَّكَشُّفِ وَالْخَلْوَةِ وَمَا بَعْدَهَا حَالُ السِّتْرِ وَالتَّأَهُّبِ لِدُخُولِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ الِاسْتِئْذَانُ فِي كُلِّ وَقْتٍ لِكَثْرَةِ دُخُولِهِمْ وَخُرُوجِهِمْ وَهُوَ معنى طوافون عليكم بعضكم على بعض.
فِي اسْمِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ
قَوْله تَعَالَى وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ
روى عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قال وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ
وَإِنَّ الْأَعْرَابَ يُسَمُّونَهَا الْعَتَمَةَ وَإِنَّمَا الْعَتَمَةُ عَتَمَةُ الْإِبِلِ لِلْحِلَابِ
وقَوْله تَعَالَى وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً الْآيَةَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَمُجَاهِدٌ وَالْقَوَاعِدُ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا هُنَّ اللَّاتِي لَا يُرِدْنَهُ وَثِيَابُهُنَّ جَلَابِيبُهُنَّ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ وَابْنُ جُبَيْرٍ الرِّدَاءُ وَقَالَ الْحَسَنُ الْجِلْبَابُ وَالْمِنْطَقُ وَعَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ يَضَعْنَ الْخِمَارَ وَالرِّدَاءَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ شَعْرَ الْعَجُوزِ عَوْرَةٌ لَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ النَّظَرُ إلَيْهِ كَشَعْرِ الشَّابَّةِ وَأَنَّهَا إنْ صَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ كَانَتْ كَالشَّابَّةِ فِي فَسَادِ صَلَاتِهَا فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ وَضْعَ الْخِمَارِ بِحَضْرَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ قِيلَ إنَّمَا أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنْ تَضَعَ خِمَارَهَا فِي الْخَلْوَةِ بِحَيْثُ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ قِيلَ لَهُ فَإِذًا لَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِ الْقَوَاعِدِ بِذَلِكَ إذْ كَانَ لِلشَّابَّةِ أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ فِي خَلْوَةٍ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَبَاحَ لِلْعَجُوزِ وَضْعَ رِدَائِهَا بَيْنَ يَدَيْ الرِّجَالِ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ مُغَطَّاةَ الرَّأْسِ وَأَبَاحَ لَهَا بِذَلِكَ كَشْفَ وَجْهِهَا وَيَدِهَا لِأَنَّهَا لَا تُشْتَهَى وَقَالَ تَعَالَى وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ فَأَبَاحَ لَهَا وَضْعَ الْجِلْبَابِ وَأَخْبَرَ أَنَّ الِاسْتِعْفَافَ بِأَنْ لَا تَضَعَ ثِيَابَهَا أَيْضًا بَيْنَ يَدَيْ الرِّجَالِ خَيْرٌ لَهَا
وقَوْله تَعَالَى لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ الْآيَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي تَأْوِيلِهِ وَسَبَبِ نُزُولِهِ فَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ محمد بن الحكم قال حدثنا جعفر بن محمد ابْنُ الْيَمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن على ابن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ قَالَ الْمُسْلِمُونَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ نَهَانَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ