إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا خالِدِينَ فِيها لَا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً.
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَا أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ ذكر ما أعد للمؤمنين
وَفِي الصَّحِيحِ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ أَرْبَعٌ ثِنْتَانِ مِنْ ذَهَبٍ حِلْيَتُهُمَا وَآنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَثِنْتَانِ مِنْ فِضَّةٍ حِلْيَتُهُمَا وَآنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا.
وَفِي حَدِيثِ عُبَادَةَ الْفِرْدَوْسِ أَعْلَاهَا يعني أعلا الْجَنَّةِ. قَالَ قَتَادَةُ وَرَبْوَتُهَا وَمِنْهَا تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ جَبَلٌ تَتَفَجَّرُ مِنْهُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْفِرْدَوْسِ سُرَّةُ الْجَنَّةِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْفِرْدَوْسِ الْبُسْتَانُ بِالرُّومِيَّةِ. وَقَالَ كَعْبٌ وَالضَّحَّاكُ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ الْأَعْنَابُ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ إِنَّهُ جَنَّاتُ الْكُرُومِ وَالْأَعْنَابِ خَاصَّةً مِنَ الثِّمَارِ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: الْفِرْدَوْسِ فِيمَا سَمِعْتُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ وَالْأَغْلَبُ عَلَيْهِ الْعِنَبُ. وَحَكَى الزَّجَّاجُ أَنَّهُ الأدوية الَّتِي تُنْبِتُ ضُرُوبًا مِنَ النبت، وَهَلْ هُوَ عَرَبِيٌّ أَوْ أَعْجَمِيٌّ قَوْلَانِ؟ وَإِذَا قُلْنَا أَعْجَمِيٌّ فَهَلْ هُوَ فَارِسِيٌّ أَوْ رُومِيٌّ أَوْ سُرْيَانِيٌّ؟ أَقْوَالٌ. وَقَالَ حَسَّانُ:
وَإِنَّ ثَوَابَ اللَّهِ كُلَّ مُوَحِّدٍ | جِنَانٌ مِنَ الْفِرْدَوْسِ فِيهَا يُخَلَّدُ |
كَانَتْ مَنَازِلُهُمْ إِذْ ذَاكَ ظَاهِرَةً | فيها الفردوس ثُمَّ الْفُومُ وَالْبَصَلُ |
وَمَعْنَى حِوَلًا أَيْ مُحَوَّلًا إِلَى غَيْرِهَا. قَالَ ابْنُ عِيسَى: هُوَ مَصْدَرٌ كَالْعِوَجِ وَالصِّغَرِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يُقَالُ حَالَ عَنْ مَكَانِهِ حِوَلًا كَقَوْلِهِ:
عَادَنِي حُبُّهَا عِوَدًا يَعْنِي لَا مَزِيدَ عَلَيْهَا حَتَّى تُنَازِعَهُمْ أَنْفُسُهُمْ إِلَى أَجْمَعَ لِأَغْرَاضِهِمْ وَأَمَانِيهِمْ، وَهَذِهِ غَايَةُ