وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ جِثِيًّا وعِتِيًّا وصِلِيًّا بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالْعَيْنِ وَالصَّادِ وَالْجُمْهُورُ بِضَمِّهَا ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ أَيْ لَنُخْرِجَنَّ كَقَوْلِهِ وَنَزَعَ يَدَهُ «١». وَقِيلَ: لَنَرْمِيَنَّ مِنْ نَزَعَ الْقَوْسَ وَهُوَ الرَّمْيُ بِالسَّهْمِ، وَالشِّيعَةُ الْجَمَاعَةُ الْمُرْتَبِطَةُ بِمَذْهَبٍ. قَالَ أَبُو الْأَحْوَصِ:
يَبْدَأُ بِالْأَكَابِرِ فَالْأَكَابِرِ جُرْمًا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يَمْتَازُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْ طَوَائِفِ الْغَيِّ وَالْفَسَادِ أَعَصَاهُمْ فَأَعْصَاهُمْ وَأَعْتَاهُمْ فَأَعْتَاهُمْ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا طَرَحْنَاهُمْ فِي النَّارِ عَلَى التَّرْتِيبِ فَقُدِّمَ أَوْلَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَأَوْلَاهُمْ، وَالضَّمِيرُ فِي أَيُّهُمْ عَائِدٌ عَلَى الْمَحْشُورِينَ الْمُحْضَرِينَ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ أَيُّهُمْ بِالرَّفْعِ وَهِيَ حَرَكَةُ بِنَاءٍ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ، فَأَيُّهُمْ مَفْعُولٌ بننزعن وهي موصولة: وأَشَدُّ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَالْجُمْلَةُ صِلَةٌ لِأَيِّهِمْ وَحَرَكَةُ إِعْرَابٍ عَلَى مَذْهَبِ الْخَلِيلِ وَيُونُسَ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي التَّخْرِيجِ. وأَيُّهُمْ أَشَدُّ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ مَحْكِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْخَلِيلِ أَيِ الَّذِينَ يُقَالُ فِيهِمْ أَيُّهُمْ أَشَدُّ. وَفِي مَوْضِعِ نَصْبٍ فَيُعَلَّقُ عَنْهُ لَنَنْزِعَنَّ عَلَى مَذْهَبِ يُونُسَ، وَالتَّرْجِيحُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ مَذْكُورٌ فِي عِلْمِ النَّحْوِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ:
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّزْعُ وَاقِعًا عَلَى مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ كَقَوْلِهِ وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا «٢» أَيْ لَنَنْزِعَنَّ بَعْضَ كُلِّ شِيعَةٍ فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ: مَنْ هُمْ؟ فَقِيلَ إِنَّهُمْ أَشَدُّ عِتِيًّا انْتَهَى.
فَتَكُونُ أَيُّهُمْ مَوْصُولَةً خبر مبتدأ محذوف، وهذا تَكَلُّفٌ وَادِّعَاءُ إِضْمَارٍ لَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إِلَيْهِ، وَجَعْلُ مَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ جُمْلَتَيْنِ، وَقَرَنَ الْخَلِيلُ تَخْرِيجَهُ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
وَلَقَدْ أَبِيتُ مِنَ الْفَتَاةِ بِمَنْزِلٍ | فَأَبِيتُ لَا حَرِجٌ وَلَا مَحْرُومُ |
(٢) سورة مريم: ١٩/ ٥٠.