وَالْكُوفِيِّينَ وَابْنِ عَامِرٍ، وَقَدِ اسْتَوْفَى ذِكْرَ ذَلِكَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَالنَّحَّاسُ، فَقِيلَ: إِنَّهَا لُغَةُ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، وَخَثْعَمَ، وَكِنَانَةَ يَجْعَلُونَ رَفْعَ الْمُثَنَّى وَنَصْبَهُ وَجَرَّهُ بِالْأَلِفِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ «١» :
فَأَطْرَقَ إِطْرَاقَ الشُّجَاعِ وَلَوْ يَرَى | مَسَاغًا لِنَابَاهُ الشُّجَاعُ لَصَمَّمَا |
تَزَوُّدَ مِنَّا بَيْنَ أُذُنَاهُ ضَرْبَةً «٢»
....................
وَقَوْلُ الْآخَرِ»
إِنَّ أَبَاهَا وَأَبَا أَبَاهَا | قَدْ بَلَغَا فِي الْمَجْدِ غَايَتَاهَا |
لَيْتَ شِعْرِي هَلْ لِلْمُحِبِّ شِفَاءٌ | مِنْ جَوَى حُبِّهِنَّ إِنِ اللِّقَاءُ |
وَأَنْكَرَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ وَأَبُو الْفَتْحِ بْنُ جِنِّي، وَقِيلَ: إِنَّ الْأَلِفَ فِي هَذَا مُشَبَّهَةٌ بِالْأَلِفِ فِي يَفْعَلَانِ فَلَمْ تُغَيَّرْ، وَقِيلَ: إِنَّ الْهَاءَ مُقَدَّرَةٌ، أَيْ: إِنَّهُ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ، حَكَاهُ الزَّجَّاجُ عَنْ قُدَمَاءِ النَّحْوِيِّينَ، وَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: إِنَّهُ لَمَّا كَانَ يُقَالُ هَذَا بِالْأَلِفِ فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْجَرِّ عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ، وَكَانَتِ التَّثْنِيَةُ لَا تُغَيِّرُ الْوَاحِدَ أُجْرِيَتِ التَّثْنِيَةُ مَجْرَى الْوَاحِدِ، فَثَبَتَ الْأَلِفُ فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْجَرِّ، فَهَذِهِ أَقْوَالٌ تَتَضَمَّنُ توجيه هذه القراءة توجيها تَصِحُّ بِهِ وَتَخْرُجُ بِهِ عَنِ الْخَطَأِ، وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَائِشَةَ أَنَّهُ غَلَطٌ مِنَ الْكَاتِبِ لِلْمُصْحَفِ. يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ وَهِيَ أَرْضُ مِصْرَ بِسِحْرِهِما الَّذِي أَظْهَرَاهُ وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى قَالَ الْكِسَائِيُّ: بِطَرِيقَتِكُمْ: بِسُنَّتِكُمْ، وَالْمُثْلَى نَعْتٌ، كَقَوْلِكَ: امْرَأَةٌ كُبْرَى، تَقُولُ الْعَرَبُ: فُلَانٌ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمُثْلَى يَعْنُونَ عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ: هَؤُلَاءِ طَرِيقَةُ قَوْمِهِمْ وَطَرَائِقُ قَوْمِهِمْ لِأَشْرَافِهِمْ، وَالْمُثْلَى تَأْنِيثُ الْأَمْثَلِ، وَهُوَ الْأَفْضَلُ، يُقَالُ: فُلَانٌ أَمْثَلُ قَوْمِهِ، أَيْ:
أَفْضَلُهُمْ، وَهُمُ الْأَمَاثِلُ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمَا إِنْ يَغْلِبَا بِسِحْرِهِمَا مَالَ إِلَيْهِمَا السَّادَةُ وَالْأَشْرَافُ مِنْكُمْ، أَوْ يَذْهَبَا بِمَذْهَبِكُمُ الَّذِي هُوَ أَمْثَلُ الْمَذَاهِبِ فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ الْإِجْمَاعُ: الْإِحْكَامُ وَالْعَزْمُ عَلَى الشَّيْءِ، قاله الفراء.
(١). رجل من بني أسد، قال الفراء: ما رأيت أفصح منه. وفي اللسان: هو المتلمس.
(٢). وعجزه: دعته إلى هابي التّراب عقيم. والبيت لهوبر الحارثي. والهابي من التراب: ما ارتفع ودقّ.
(٣). هو أبو النجم، وقال بعضهم: هو رؤبة.
(٢). وعجزه: دعته إلى هابي التّراب عقيم. والبيت لهوبر الحارثي. والهابي من التراب: ما ارتفع ودقّ.
(٣). هو أبو النجم، وقال بعضهم: هو رؤبة.