أَنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ حَتَّى يَجِدَ لَهُ أَكِيلًا يُؤَاكِلُهُ فَيَأْكُلُ مَعَهُ، وَبَعْضُ الْعَرَبِ كَانَ لَا يَأْكُلُ إِلَّا مَعَ ضَيْفٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ حَاتِمٍ:
إِذَا مَا صَنَعْتِ الزَّادَ فَالْتَمِسِي لَهُ | أَكِيلًا فَإِنِّي لَسْتُ آكِلَهُ وَحْدِي |
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ: بَلَغَنَا أَنْ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَامْرَأَتَهُ أَسْمَاءَ بِنْتَ مَرْشَدَةَ صَنَعَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ طَعَامًا، فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا أَقْبَحَ هَذَا إِنَّهُ لَيَدْخُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا، وَهُمَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، غُلَامُهُمَا بِغَيْرِ إذن، فأنزل الله في ذلك يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ يَعْنِي: الْعَبِيدَ وَالْإِمَاءَ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ قَالَ: مِنْ أَحْرَارِكُمْ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: كَانَ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُمْ أَنْ يُوَاقِعُوا نِسَاءَهُمْ فِي هَذِهِ السَّاعَاتِ لِيَغْتَسِلُوا، ثُمَّ يَخْرُجُوا إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يَأْمُرُوا الْمَمْلُوكِينَ وَالْغِلْمَانَ أَنْ لَا يَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ فِي تِلْكَ السَّاعَاتِ إِلَّا بِإِذْنٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ ثَعْلَبَةَ الْقُرَظِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُوِيدٍ قَالَ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعَوْرَاتِ الثَّلَاثِ، فَقَالَ: إِذَا أَنَا وَضَعْتُ ثِيَابِي بَعْدَ الظَّهِيرَةِ لَمْ يَلِجْ عَلَيَّ أَحَدٌ مِنَ الْخَدَمِ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ، وَلَا أَحَدٌ لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ مِنَ الْأَحْرَارِ إِلَّا بِإِذْنٍ، وَإِذَا وَضَعْتُ ثِيَابِي بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَمِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الصُّبْحِ». وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُوِيدٍ مِنْ قَوْلِهِ. وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ أَيْضًا ابْنُ سَعْدٍ عَنْ سُوِيدِ بْنِ النُّعْمَانِ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِهَا أَكْثَرُ النَّاسِ: يَعْنِي آيَةَ الْإِذْنِ، وَإِنِّي لَآمُرُ جَارِيَتِي هَذِهِ، - لِجَارِيَةٍ قَصِيرَةٍ قَائِمَةٍ عَلَى رَأْسِهِ- أَنْ تَسْتَأْذِنَ عَلَيَّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،