نكرة في موضع نصب على البدل من قوله مَثَلًا، وبَعُوضَةً نعت ل ما، فوصفت ما بالجنس المنكر لإبهامها. حكى المهدوي هذا القول عن الفراء والزجاج وثعلب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وقيل غير هذا مما هو تخليط دعا إليه الظن أَنْ يَضْرِبَ إنما يتعدى إلى مفعول واحد.
وقال بعض الكوفيين: نصب بَعُوضَةً على تقدير إسقاط حرف الجر. والمعنى أن يضرب مثلا ما من بعوضة.
وحكي عن العرب: «له عشرون ما ناقة فجملا»، وأنكر أبو العباس هذا الوجه.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: والذي يترجح أن ما صلة مخصصة كما تقول جئتك في أمر ما فتفيد النكرة تخصيصا وتقريبا، ومنه قول أمية بن أبي الصلت: [الخفيف]
سلع ما ومثله عشر ما | عائل ما وعالت البيقورا |
وقال قوم: ما نكرة، كأنه قال شيئا. والآية في هذا يشبهها قول حسان بن ثابت: [الكامل].
فكفى بنا فضلا على من غيرنا | حبّ النبيّ محمد إيّانا |
لنعم البيت بيت أبي دثار | إذا ما خاف بعض القوم بعضا |
قال أبو الفتح: وجه ذلك أن «ما» اسم بمنزلة «الذي»، أي لا يستحيي أن يضرب الذي هو بعوضة مثلا، فحذف العائد على الموصول، وهو مبتدأ، ومثله قراءة بعضهم: «تماما على الذي أحسن» أي على الذي هو أحسن.
وحكى سيبويه ما أنا بالذي قائل لك شيئا، أي هو قائل.
وقوله تعالى: فَما فَوْقَها من جعل ما الأولى صلة زائدة، ف «ما» الثانية عطف على بعوضة، ومن جعل ما اسما ف «ما» الثانية عطف عليها.
وقال الكسائي وأبو عبيدة وغيرهما: «المعنى فما فوقها في الصغر».
وقال قتادة وابن جريج وغيرهما: «المعنى في الكبر».
قال القاضي أبو محمد: والكل محتمل، والضمير في أَنَّهُ، عائد على المثل.
واختلف النحويون في ماذا: فقيل هي بمنزلة اسم واحد، بمعنى أي شيء أراد الله، وقيل «ما»