قوله عز وجل:
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٣٠ الى ٣٢]
وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ (٣٠) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣١) قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢)
قال معمر بن المثنى: «إذ زائدة، والتقدير وقال ربك».
قال أبو إسحاق الزجاج: «هذا اجتراء من أبي عبيدة».
قال القاضي أبو محمد: وكذلك رد عليه جميع المفسرين.
وقال الجمهور: ليست بزائدة وإنما هي معلقة بفعل مقدر تقديره واذكر إذ قال، وأيضا فقوله: خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً الآية، يقتضي أن يكون التقدير وابتداء خلقكم إذ قال ربك للملائكة، وإضافة رب إلى محمد ﷺ ومخاطبته بالكاف تشريف منه له، وإظهار لاختصاصه به، والملائكة واحدها ملك أصله ملاك على وزن مفعل من لاك إذا أرسل، وجمعه ملائكة على وزن مفاعلة.
وقال قوم: أصل ملك مألك، من ألك إذا أرسل، ومنه قول عدي بن زيد: [الرمل]
أبلغ النعمان عني مألكا | أنه قد طال حبسي وانتظاري |
وقال ابن كيسان: «هو من ملك يملك، والهمزة فيه زائدة كما زيدت في شمأل من شمل، فوزنه فعأل، ووزن جمعه فعائلة» وقد يأتي في الشعر على أصله كما قال: [الطويل]
فلست لأنسيّ ولكن لملأك | تنزّل من جوّ السماء يصوب |
وقال أبو عبيدة: «الهمزة في ملائكة مجتلبة لأن واحدها ملك».
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: فهذا الذي نحا إليه ابن كيسان.
وجاعِلٌ في هذه الآية بمعنى خالق، ذكره الطبري عن أبي روق، ويقضي بذلك تعديها إلى مفعول واحد.
وقال الحسن وقتادة: «جاعل بمعنى فاعل».