أبني كليب إنّ عمّيّ اللّذا | نالا الملوك وفككا الأغلالا |
قال القاضي أبو محمد: يلزم على هذا القول أن تدخل النون الثقيلة في الإيجاب، وهو مردود، وإنما تدخل في الأمر والنهي وباختصاص الواجب في القسم، وقالت فرقة وهو الأظهر: إن اللام لام قسم والكلام مستأنف، ويتخرج ذلك في لَيَسْجُنُنَّهُ، وقالت فرقة إِلى بمعنى في وقيل على بابها غاية وهو الأرجح، ولا رَيْبَ فِيهِ لا شك فيه، أي هو في نفسه وذاته لا ريب فيه، وقوله تعالى: الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ الآية قيل إن الَّذِينَ منادى.
قال القاضي أبو محمد: وهو فاسد لأن حرف النداء لا يسقط مع المبهمات، وقيل: هو نعت المكذبين الذين تقدم ذكرهم، وقيل: هو بدل من الضمير في لَيَجْمَعَنَّكُمْ، قال المبرد: ذلك لا يجوز كما لا يجوز مررت بك زيد.
قال القاضي أبو محمد: وقوله في الآية لَيَجْمَعَنَّكُمْ مخالف لهذا المثال لأن الفائدة في البدل مترقبة من الثاني وإذا قلت مررت بك زيد فلا فائدة في الثاني، وقوله: لَيَجْمَعَنَّكُمْ يصلح لمخاطبة الناس كافة فيفيدنا إبدال الَّذِينَ من الضمير أنهم هم المختصون بالخطاب هنا، وخصوا على جهة الوعيد، ويتضح فيها الوعيد إذا جعلنا اللام للقسم وهو القول الصحيح، ويجيء هذا بدل البعض من الكل، وقال الزجاج الَّذِينَ رفع بالابتداء وخبره فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ، وهذا قول حسن، والفاء في قوله: فَهُمْ جواب على القول بأن الَّذِينَ رفع بالابتداء لأن معنى الشرط حاصل تقديره، من خسر نفسه فهو لا يؤمن، وعلى القول بأن الَّذِينَ بدل من الضمير هي عاطفة جملة على جملة، وخَسِرُوا معناه غبنوا أنفسهم بأن وجب عليها عذاب الله وسخطه، ومنه قول الشاعر [الأعشى] :[السريع]
لا يأخذ الرّشوة في حكمه | ولا يبالي غبن الخاسر |