قال القاضي أبو محمد: وهذا أسلوب معنى الآية، واسم كان يصح أن يكون الأمر والشأن وكَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ خبرها، ويصح أن يكون إِعْراضُهُمْ هو اسم كان ويقدر في كَبُرَ ضمير وتكون كَبُرَ في موضع الخبر، والأول من الوجهين أقيس، والنفق السرب في الأرض ومنه نافقاء اليربوع، والسلم الشيء الذي يصعد عليه ويرتقى، ويمكن أن يشتق اسمه من السلامة لأنه سببها وجمعه سلاليم، ومنه قول الشاعر [ابن مقبل] :[البسيط]
لا يحزن المرء أحجاء البلاد ولا | تبنى له في السماوات السّلاليم |
قال القاضي أبو محمد: والوجه القوي عندي في الآية هو أن ذلك لم يجىء بحسب النبيين وإنما جاء بحسب الأمرين اللذين وقع النهي عنهما والعتاب فيهما وبين أن الأمر الذي نهى عنه محمد ﷺ أكبر قدرا وأخطر مواقعة من الأمر الذي واقعه نوح صلى الله عليه وسلم.
قوله عز وجل:
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٣٦ الى ٣٨]
إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٣٦) وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٧) وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨)
هذا من النمط المتقدم في التسلية أي لا تحفل بمن أعرض فإنما يستجيب لداعي الإيمان الذين يقيمون الآيات ويتلقون البراهين بالقبول، فعبر عن ذلك كله ب يَسْمَعُونَ إذ هو طريق العلم بالنبوة والآيات