على الدنيا في الأولين وفي الثالثة عائد على الآخرة، ويحتمل أن يعود في الثلاثة على الدنيا ويحتمل أن تعود الثانية على الأعمال.
وقرأ جمهور الناس: «وباطل» بالرفع على الابتداء والخبر، وقرأ أبيّ وابن مسعود: «وباطلا» بالنصب قال أبو حاتم: ثبتت في أربعة مصاحف، والعامل فيه يَعْمَلُونَ وما زائدة، التقدير: وباطلا كانوا يعملون. والباطل كل ما تقتضي ذاته أن لا تنال به غاية في ثواب ونحوه وبالله التوفيق.
قوله عز وجل:
[سورة هود (١١) : آية ١٧]
أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (١٧)
اختلف المتأولون في المراد بقوله: أَفَمَنْ فقالت فرقة: المراد بذلك المؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم. وقالت فرقة المراد محمد ﷺ خاصة. وقال علي بن أبي طالب والحسن وقتادة ومجاهد والضحاك وابن عباس: المراد بذلك محمد ﷺ والمؤمنون جميعا.
وكذلك اختلف في المراد ب «البيّنة» فقالت فرقة: المراد بذلك القران، أي على جلية بسبب القرآن، وقالت فرقة: المراد محمد ﷺ والهاء في «البيّنة» للمبالغة كهاء علامة ونسابة.
وكذلك اختلف في المراد ب «الشاهد» فقال ابن عباس وإبراهيم النخعي ومجاهد والضحاك وأبو صالح وعكرمة: هو جبريل.
وقال الحسين بن علي: هو محمد صلى الله عليه وسلم. وقال مجاهد أيضا: هو ملك وكّله الله بحفظ القرآن.
قال القاضي أبو محمد: ويحتمل أن يريد بهذه الألفاظ جبريل.
وقال علي بن أبي طالب والحسن وقتادة: هو لسان النبي صلى الله عليه وسلم. وقالت فرقة: هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وروي ذلك عنه، وقالت فرقة: هو الإنجيل، وقالت فرقة: هو القرآن، وقالت فرقة: هو إعجاز القرآن.
قال القاضي أبو محمد: ويتصرف قوله يَتْلُوهُ على معنيين: بمعنى يقرأ، وبمعنى يتبعه، وتصرفه بسبب الخلاف المذكور في «الشاهد» ولنرتب الآن اطراد كل قول وما يحتمل.
فإذا قلنا إن قوله: أَفَمَنْ يراد به المؤمنون، فإن جعلت بعد ذلك «البيّنة» محمد ﷺ صح أن يترتب «الشاهد» الإنجيل ويكون يَتْلُوهُ بمعنى يقرأه، لأن الإنجيل يقرأ شأن محمد ﷺ وأن يترتب جبريل عليه السلام ويكون يَتْلُوهُ بمعنى يتبعه أي في تبليغ الشرع والمعونة