وقرأ الجمهور «كبرت كلمة» بنصب الكلمة، كما تقول نعم رجلا زيد، وفسر «الكلمة» ووصفها بالخروج من أفواههم، وقال بعضهم: نصبها على التفسير على حد نصب قوله تعالى وَساءَتْ مُرْتَفَقاً [الكهف: ٢٩] وقالت فرقة نصبها على الحال، والتقدير كَبُرَتْ فريتهم أو نحو هذا كَلِمَةً، وسميت هذه الكلمات كَلِمَةً من حيث هي مقالة واحدة، كما يقولون للقصيدة كلمة، وهذه المقالة قائمة في النفس معنى واحدا، فيحسن أن تسمى كلمة، وقرأ الحسن ويحيى بن يعمر وابن محيصن والقواس عن ابن كثير «كبرت كلمة» برفع الكلمة على أنها فاعلة ب كَبُرَتْ، وقوله إِنْ يَقُولُونَ أي ما يقولون.
قوله عز وجل:
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٦ الى ٩]
فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (٦) إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (٧) وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً (٨) أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً (٩)
هذه الآية تسلية للنبي عليه السلام، وقوله فَلَعَلَّكَ تقرير وتوفيق بمعنى الإنكار عليه أي لا تكن كلذلك، و «الباخع نفسه» هو مهلكها وجدا وحزنا على أمر ما، ومنه قول الشاعر: [الطويل]
ألا أيها ذا الباخع الوجد نفسه | لشيء نحته عن يديه المقادر |
قال القاضي أبو محمد: و «الأسف» في هذا الموضع الحزن، لأنه على من لا يملكه ولا هو تحت يد الأسف ولو كان الأسف من مقتدر على من هو في قبضته وملكه لكان غضبا، كقوله تعالى: فَلَمَّا آسَفُونا [الزخرف: ٥٥] أي أغضبونا وإذا تأملت هذا في كلام العرب اطرد، وذكره منذر بن سعيد وقال قتادة: هنا أَسَفاً غضبا، قال مجاهد أَسَفاً جزعا وقال قتادة أيضا: حزنا، ومن هذه اللفظة قول الأعشى:
[الطويل]
أرى رجلا منكم أسيفا كأنما | يضم إلى كشحيه كفّا مخضبا |