ظرف، وبعض هذه الفرقة، يرى أن الضمير في قوله بَيْنَهُمْ يعود على المؤمنين والكافرين، ويحتمل أن يعود على المشركين ومعبوداتهم، وقال ابن عباس مَوْبِقاً معناه مهلكا بمنزلة موضع وهو من قولك وبق الرجل وأوبقه غيره إذا أهلكه، فقوله بَيْنَهُمْ على هذا التأويل، يصح أن يكون ظرفا، والأظهر فيه أن يكون اسما، بمعنى جعلنا تواصلهم أمرا مهلكا لهم، ويكون بَيْنَهُمْ مفعولا أولا ل جَعَلْنا، وعبر بعضهم عن الموبق بالموعد وهذا ضعيف، ثم أخبر عز وجل عن رؤية المجرمين النار، ومعاينتهم لها، ووقوع العلم لهم بأنهم مباشروها، وأطلق الناس أن الظن هنا بمعنى اليقين، ولو قال بدل فَظَنُّوا وأيقنوا لكان الكلام متسقا، على مبالغة فيه، ولكن العبارة بالظن لا تجيء أبدا في موضع يقين تام قد قاله الحسن، بل أعظم درجاته أن يجيء في موضع علم متحقق، لكنه لم يقع ذلك المظنون، وإلا، فقد يقع ويحسن، لا يكاد توجد في كلام العرب العبارة عنه بالظن وتأمل هذه الآية، وتأمل قول دريد:
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج وقرأ الأعمش «فظنوا أنهم ملاقوها»، وكذلك في مصحف ابن مسعود، وحكى أبو عمرو الداني عن علقمة، أنه قرأ: «ملافوها» بالفاء مشددة من لففت، وروى أبو سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ قال إن الكافر ليرى جهنم ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة. و «المصرف» المعدل، والمرغ، ومنه قول أبي كبير الهذلي: [الكامل]
أزهير هل عن شيبة بن مصرف | أم لا خلود لباذل متكلف |
قوله عز وجل:
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٥٥ الى ٥٧]
وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً (٥٥) وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً (٥٦) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً (٥٧)