الجمهور هو اسم الجبل كما تقول جبل أحد، وسَيْناءَ، اسم مضاف إليه الجبل، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير «سيناء» بكسر السين، وقرأ الباقون وعمر بن الخطاب «سيناء» بفتح السين، وكلهم بالمد، فعلى فتح السين لا ينصرف الاسم بوجه، وعلى كسر السين فالهمزة كهمزة حرباء ولم يصرف في هذه الآية لأنه جعل اسم بقعة أو أرض، وقرأ الجمهور، «تنبت» بفتح التاء وضم الباء فالتقدير تنبت ومعها الدهن كما تقول خرج زيد بسلاحه، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «تنبت» بضم التاء واختلف في التقدير على هذه القراءة، فقالت فرقة الباء زائدة وهذا كقوله وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة: ١٩٥] وهذا المثال عندي معترض وإن كان أبو علي ذكره وكقول الشاعر: [الرجز]
نحن بني جعدة أرباب الفلج | نضرب بالبيض ونرجو بالفرج |
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٢١ الى ٢٢]
وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٢١) وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٢٢)
الْأَنْعامِ هي الإبل والبقر والضأن والمعز و «العبرة» في خلقتها وسائر اخبارها، وقرأ الجمهور «نسقيكم» بضم النون من أسقى، ورويت عن عاصم، وقرأ نافع وعاصم وابن عامر «نسقيكم» بفتح النون من سقى، فمن الناس من قال هما لغتان بمعنى، ومنهم من قال سقيته إذا أعطيته للشفة وأسقيته إذا جعلت له سقيا لأرض أو ثمرة ونحوه، فكأن الله تعالى جعل الأنعام لعبيده سقيا يشربون وينتجعون، وقرأ أبو جعفر «تسقيكم» بالتاء من فوق أي تسقيكم الأنعام، و «المنافع» الحمل عليها وجلودها وأصوافها وأوبارها وغير ذلك مما يطول عده، وْفُلْكِ
، السفن واحدها فلك الحركات في الواحد كحركات قفل والحركات في الجمع كحركات أسد وكتب.
قوله عز وجل:
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٢٣ الى ٢٦]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٢٣) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (٢٤) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (٢٥) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٢٦)