الضمير عائد على القرآن من حيث ذكرت الآيات والمعنى يحدث لكم سماع آياتي كبرا وطغيانا.
قال الفقيه الإمام القاضي: وهذا قول جيد وذكر منذر بن سعيد أن الضمير لمحمد صلى الله عليه وسلم، وهو متعلق بما بعده كأن الكلام ثم في قوله مُسْتَكْبِرِينَ ثم قال لمحمد صلى الله عليه وسلم، سامِراً تَهْجُرُونَ، وقوله سامِراً حال وهو مفرد بمعنى الجمع يقال قوم سمر وسمر وسامر ومعناه سهر الليل مأخوذ من السمر وهو ما يقع على الأشخاص من ضوء القمر فكانت العرب تجلس للسمر تتحدث وهذا أوجب معرفتها بالنجوم لأنها تجلس في الصحراء فترى الطوالع من الغوارب، وقرأ الجمهور «سامرا»، وقرأ أبو رجاء «سمارا»، وقرأ ابن عباس وعكرمة وابن محيصن «سمرا» ومن هذه اللفظة قول الشاعر: [الكامل]
من دونهم إن جئتهم سمرا | عزف القيان ومجلس غمر |
قال القاضي أبو محمد: ولا تكون هذه القراءة تكثير «تهجّرون» بضم التاء، وكسر الجيم لأن أفعل لا يتعدى ولا يكثر بتضعيف إذ التضعيف والهمزة متعاقبان ثم وبخهم على إعراضهم بعد تدبر القول لأنهم بعد التدبر والنظر الفاسد، قال بعضهم شعر وبعضهم سحر وسائر ذلك، وقوله أَمْ جاءَهُمْ كذلك توبيخ أيضا والمعنى أأبدع لهم أمر لم يكن في الناس قبلهم بل قد جاء الرسل قبل كنوح وإبراهيم وإسماعيل وفي هذا التأويل من التجوز أن جعل سالف الأمم «آباء» إذ الناس في الجملة آخرهم من أولهم، ويحتمل اللفظ معنى آخر على أن يراد ب آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ من فرط من سلفهم في العرب فكأنه قال: أفلم يدبروا القول أم جاءهم أمر غريب من عند الله لم يأت آباءَهُمُ فبهر عقولهم ونبت أذهانهم عن أمر من أمور الله غريب في سلفهم والمعنى الأول أبين.
قوله عز وجل:
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٦٩ الى ٧١]
أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٠) وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (٧١)