يعقل كالملائكة وعزير وعيسى وغيرهم، وقال الضحاك وعكرمة الموقف المجيب الأصنام التي لا تعقل يقدرها الله تعالى يومئذ على هذه المقالة ويجيء خزي الكفرة لذلك أبلغ، وقرأ جمهور الناس «نتخذ» بفتح النون وذهبوا بالمعنى إلى أنه من قول من يعقل وأن هذه الآية بمعنى التي في سورة سبأ: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ [سبأ: ٤٠- ٤١]، وكقول عيسى عليه السلام وما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ [المائدة: ١١٧]، ومِنْ أَوْلِياءَ في هذه القراءة في موضع المفعول به، وقرأ أبو جعفر والحسن وأبو الدرداء وزيد بن ثابت وأبو رجاء ونصر بن علقمة ومكحول وزيد بن علي وحفص بن حميد «نتخذ» بضم النون، وتذهب هذه مذهب من يرى أن الموقف المجيب الأوثان ويضعف هذه القراءة دخول مِنْ في قوله مِنْ أَوْلِياءَ، اعترض بذلك سعيد بن جبير، وغيره، قال أبو الفتح مِنْ أَوْلِياءَ في موضع الحال ودخلت مِنْ زائدة لمكان النفي المتقدم كما تقول ما اتخذت زيدا من وكيل، وقرأ علقمة «ما ينبغي» بسقوط «كان» وثبوتها أمكن في المعنى، لأنهم أخبروا على حال كانت في الدنيا ووقت الإخبار لا عمل فيه، وفسّر هذا المجيب بحسب الخلاف فيه الوجه في ضلال الكفار كيف وقع، وأنه لما متعهم الله تعالى بالنعم الدنياوية وأدرها لهم ولأسلافهم الأحقاب الطويلة نَسُوا الذِّكْرَ أي ما ذكر به الناس على ألسنة الأنبياء، وبُوراً، معناه هلكا، والبوار الهلاك واختلف في لفظة بور، فقالت فرقة هو مصدر يوصف به الجمع والواحد ومنه قول ابن الزبعرى: [الخفيف]
يا رسول المليك إن لساني | راتق ما فتقت إذ أنا بور |
وقد يحتمل أن يعم غيره من المعاصي، وفي حرف أبي «ومن يكذب منكم نذقه عذابا كبيرا».