وهي في اللام بمعنى من أجل أن حسبوا أن إيمانهم علة للترك، والَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، يريد بهم المؤمنين مع الأنبياء في سالف الدهر، وقرأ الجمهور «فليعلمن» بفتح الياء واللام الثانية، ومعنى ذلك ليظهرن عليهم ويوجدن منهم ما علمه أزلا، وذلك أن علمه بذلك قديم وإنما هذه عبارة عن الإيجاد بالحالة التي تضمنها العلم القديم، والصدق والكذب على بابهما أي من صدق فعله قوله ومن كذبه ونظير هذا قول زهير:
[البسيط]
ليث بعثّر يصطاد الرجال إذا | ما كذب الليث عن أقرانه صدقا |
قوله عز وجل:
[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٤ الى ٧]
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٤) مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٥) وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (٦) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٧)
أَمْ معادلة للألف في قوله أَحَسِبَ [العنكبوت: ١] وكأنه عز وجل قرر الفريقين، قرر المؤمنين على ظنهم أنهم لا يفتنون وقرر الكافرين الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ في تعذيب المؤمنين وغير ذلك على ظنهم أنهم يسبقون عقاب الله ويعجزونه، وقوله تعالى: الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ، وإن كان الكفار المراد الأول بحسب النازلة التي الكلام فيها فإن لفظ الآية يعم كل عاص وعامل سيئة من المسلمين وغيرهم، وقوله ساءَ ما يَحْكُمُونَ يجوز أن يكون ما بمعنى الذي فهي في موضع رفع، ويجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير ساء حكما يحكمونه، وقال ابن كيسان: ما مع يَحْكُمُونَ في موضع المصدر كأنه قال: ساء حكمهم، وفي هذه الآية وعيد للكفرة الفاتنين، وتأنيس وعده بالنصر للمؤمنين