ويحتمل أن يكون الْإِنْسانِ في هذه الآية اسم الجنس، وقوله تعالى: قَلِيلًا صفة لمصدر محذوف، وهو في موضع الحال حين حذف الموصوف به، والضمير في قالُوا للكفار الجاحدين البعث من القبور والمستبعدين لذلك دون حجة ولا دليل. وموضع إِذا نصب بما في قوله إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ لأن معناه لنعاد، واختلفت القراءة في أَإِذا وقد تقدم استيعاب ذكره في غير هذا الموضع. وقرأ جمهور القراء «ضللنا» بفتح اللام، وقرأ ابن عامر وأبو رجاء وطلحة وابن وثاب «ضللنا» بكسر اللام والمعنى تلفنا وتقطعت أوصالنا فذهبنا حتى لم نوجد، ومنه قول الأخطل: [الكامل]
كنت القذا في متن أكدر مزبد | قذف الأتيّ به فضلّ ضلالا |
فآب مضلوه بعين جلية | وغودر بالجولان حزم ونائل |
ومنه قول الشاعر: [الرجز]
أزيني الأردم ليسوا من أحد | ولا توفيهم قريش في العدد |
قال الفقيه الإمام القاضي: كأنه يعدم حياتها، وكذلك الأمر في بني آدم إلا أنه نوع شرف بتصرف ملك وملائكة معه في قبض أرواحهم، وكذلك أيضا غلظ العذاب على الكافرين بذلك، وروي عن مجاهد: أن الدنيا بين يدي ملك الموت كالطست بين يدي الإنسان يأخذ من حيث أمر.
قوله عز وجل:
[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١٢ الى ١٥]
وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (١٢) وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣) فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤) إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥)