أمون كعيدان الاران نسأتها | على لاحب كأنه ظهر برجد |
فاليوم أشرب غير مستحقب | إثما من الله ولا واغل |
البيت فعلم موته.
قال الفقيه الإمام القاضي: وهذا ضعيف وقرأ الجمهور «تبينت الجنّ» بإسناد الفعل إليها أي بان أمرها كأنه قال افتضحت الجن أي للإنس، هذا تأويل، ويحتمل أن يكون قوله تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ بمعنى علمت الجن وتحققت، ويريد الْجِنُّ جمهورهم والفعلة منهم والخدمة ويريد بالضمير في كانُوا رؤساءهم وكبارهم لأنهم هم الذين يدعون علم الغيب لأتباعهم من الجن والإنس ويوهمونهم ذلك، قاله قتادة، فيتيقن الأتباع أن الرؤساء لَوْ كانُوا عالمين الغيب ما لَبِثُوا وأَنْ على التأويل الأول بدل من الْجِنُّ وعلى التأويل الثاني مفعولة محضة، وقرأ يعقوب «تبينت الجن» على بناء الفعل للمفعول أي تبينتها الناس، وأَنْ على هذه القراءة بدل، ويجوز أن تكون في موضع نصب بإسقاط حرف الجر أي «بأن» على هذه القراءة وعلى التأويل الأول من القراءة الأولى.
قال الفقيه الإمام القاضي: مذهب سيبويه أن أَنْ في هذه الآية لا موضع لها من الإعراب وإنما هي مؤذنة بجواب ما تنزل منزلة القسم من الفعل الذي معناه التحقق واليقين، لأن هذه الأفعال التي تبينت وتحققت وعلمت وتيقنت ونحوها تحل محل القسم في قولك: علمت أن لو قام زيد ما قام عمرو، فكأنك قلت والله لو قام زيد ما قام عمرو، فقوله ما لَبِثُوا على هذا القول جواب ما تنزل منزلة القسم لا جواب لَوْ وعلى الأقوال الأول جواب لَوْ وفي كتاب النحاس إشارة إلى أنه يقرأ «تبينت الجن» أي تبينت الإنس الجن، والْعَذابِ الْمُهِينِ هو العمل في تلك السخرة، والمعنى أن الجن لو كانت تعلم الغيب لما خفي عليها موت سليمان، وقد ظهر أنه خفي عليها بدوامها في الخدمة الصعبة وهو ميت، ف الْمُهِينِ المذل من الهوان، قال الطبري وفي بعض القراءات «فلما خر تبينت الإنس أن الجن لو كانوا» وحكاها أبو الفتح عن ابن عباس والضحاك وعلي بن الحسين وذكر أبو حاتم أنها كذلك في مصحف ابن مسعود.
قال القاضي أبو محمد: وكثر المفسرون في قصص هذه الآية بما لا صحة له ولا تقتضيه ألفاظ القرآن (وفي معانيه بعد فاختصرته لذلك).