الكاف، وقرأ الباقون بضم الهمزة وضم الكاف، وروي أيضا عن أبي عمرو سكون الكاف وهما بمعنى الجنى والثمر، ومنه قوله تعالى تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ [إبراهيم: ٢٥] أي جناها، وقرأ جمهور القراء بتنوين «أكل» وصفته بخمط وما بعده، قال أبو علي: البدل هذا لا يحسن لأن الخمط ليس بالأكل والأكل ليس بالخمط نفسه والصفة أيضا كذلك، لأن الخمط اسم لا صفة وأحسن ما فيه عطف البيان، كأنه بين أن الأكل هذه الشجرة ومنها ويحسن قراءة الجمهور أن هذا الاسم قد جاء بمجيء الصفات في قول الهذلي:
[الطويل]
عقار كماء الني ليس بخمطة | ولا خلة يكوي الشروب شبابها |
قال الفقيه الإمام القاضي: فترجح هذه قراءة الجمهور.
قوله عز وجل:
[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ١٨ الى ١٩]
وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ (١٨) فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (١٩)
هذه الآية وما بعدها وصف حالهم قبل مجيء السيل، وهي أن الله تعالى مع ما كان منحهم من الجنتين والنعمة الخاصة بهم، كان قد أصلح لهم البلاد المتصلة بهم وعمرها وجعلهم أربابها، وقدر فيها السير بأن قرب القرى بعضها من بعض حتى كان المسافر من مأرب إلى الشام يبيت في قرية ويقيل في قرية أخرى، فلا يحتاج إلى حمل زاد والْقُرَى المدن، ويقال للمجتمع الصغير قرية أيضا، وكلها من قريت أي جمعت، والقرى التي بورك فيها هي بلاد الشام بإجماع من المفسرين، و «القرى الظاهرة» هي التي بين الشام ومأرب وهي الصغار التي هي البوادي «قال ابن عباس: هي قرى عربية بين المدينة والشام وقاله الضحاك» واختلف في معنى ظاهِرَةً فقالت فرقة: معناه مستعلية مرتفعة في الآكام والظراب وهي أشرف القرى.