وقوله تعالى: فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً قيل معناه: دائمات البكارة متى عاود الواطئ وجدها بكرا.
والعرب جمع عروب، وهي المتحببة إلى زوجها بإظهار محبته، قاله ابن عباس والحسن، وعبر عنهم ابن عباس أيضا بالعواشق، ومنه قول لبيد:
وفي الحدوج عروب غير فاحشة | ريا الروادف يعشى دونها البصر |
وما بدل من أم عثمان سلفع | من السود ورهاء العنان عروب |
وقوله: أَتْراباً معناه في الشكل والقد حتى يقول الرائي هم أتراب، والترب هو الذي مس التراب مع تربه في وقت واحد. قال قتادة: أَتْراباً يعني سنا واحدة، ويروى أن أهل الجنة على قد ابن أربعة عشر عاما في الشباب والنضرة، وقيل على مثال أبناء ثلاث وثلاثين سنة مردا بيضا مكحلين.
واختلف الناس في قوله: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ فقال الحسن بن أبي الحسن وغيره، الأولون: سالف الأمم، منهم جماعة عظيمة أصحاب يمين، والآخرون: هم هذه الأمة، منهم جماعة عظيمة أهل يمين.
قال القاضي أبو محمد: بل جميعهم إلا من كان من السابقين. وقال قوم من المتأولين: هاتان الفرقتان في أمة محمد، وروى ابن عباس عن النبي ﷺ أنه قال: «الثلثان من أمتي» فعلى هذا التابعون بإحسان ومن جرى مجراهم ثلة أولى، وسائر الأمة ثلة أخرى في آخر الزمان.
وقوله عز وجل:
[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٤١ الى ٥٠]
وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥)
وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠)
إعراب قوله: وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ قد تقدم نظيره. وفي الكلام هنا معنى الإنحاء عليهم وتعظيم مصابهم. والسموم: أشد ما يكون من الحر اليابس الذي لا بلل معه. والحميم:
السخن جدا من المائع الذي في جهنم، والعرب تقول للماء السخن حميما. واليحموم: الأسود وهو بناء مبالغة.