الأعمش، ثم أمر تعالى نبيه بالصبر الجميل، وهو الذي لا يلحقه عيب من فشل ولا تشكك ولا قلة رضى ولا غير ذلك. والأمر بالصبر الجميل محكم في كل حالة، وقد نزلت هذه الآية قبل الأمر بالقتال. وقوله تعالى: إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً يعني يوم القيامة لأنهم يكذبون به، فهو في غاية البعد عندهم، والله تعالى يراه قَرِيباً من حيث هو واقع وآت وكل آت قريب. وقال بعض المفسرين: الضمير في يَرَوْنَهُ عائد على العذاب. وقوله تعالى: يَوْمَ تَكُونُ نصب بإضمار فعل أو على البدل من الضمير المنصوب. و «المهل» :
عكر الزيت قاله ابن عباس وغيره، فهي لسوادها وانكدار أنوارها تشبه ذلك. والمهل أيضا: ماء أذيب من فضة ونحوها قاله ابن مسعود وغيره: فيجيء له ألوان وتميع مختلط، والسماء أيضا- للأهوال التي تدركها- تصير مثل ذلك، و «العهن» : الصوف دون تقييد. وقد قال بعض اللغويين: هو الصوف المصبوغ ألوانا، وقيل المصبوغ أي لون كان، وقال الحسن: هو الأحمر، واستدل من قال إنه المصبوغ ألوانا بقول زهير:
[الطويل]
كأن فتات العهن في كل منزل | نزلن به حب الفنا لم يحطم |
وقيل المعنى: لا يسأل عن ذنبه وأعماله ليؤخذ بها وليزر وزره.
قوله عز وجل:
[سورة المعارج (٧٠) : الآيات ١١ الى ٢٣]
يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤) كَلاَّ إِنَّها لَظى (١٥)
نَزَّاعَةً لِلشَّوى (١٦) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) وَجَمَعَ فَأَوْعى (١٨) إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠)
وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (٢١) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (٢٣)