الجنة، وعَيْناً بدل من كأس أو من عين على القول الثاني، وسَلْسَبِيلًا قيل هو اسم بمعنى السلس المنقاد الجرية، وقال مجاهد: حديدة الجرية، وقيل: هي عبارة عن حسن إيساغها، قال ابن الأعرابي: لم أسمع هذه اللفظة إلا في القرآن، وقال آخرون: سَلْسَبِيلًا صفة لقوله عَيْناً. وتسمى بمعنى توصف وتشهر وكونه مصروفا مما يؤكد كونه صفة للعين لا اسما، وقال بعض المقرءين والتصحيح من الألوسي:
سَلْسَبِيلًا أمر للنبي ﷺ ولأمته بسؤال السبيل إليها. وهذا قول ضعيف لأن براعة القرآن وفصاحته لا تجيء هكذا، واللفظة معروفة في اللسان وأن السلسل والسلسبيل، بمعنى واحد ومتقارب. ومُخَلَّدُونَ قال جمهور الناس: معناه باقون من الخلود، وجعلهم ولدانا لأنهم في هيئة الولدان في السن لا يتغيرون عن تلك الحال، وقال أبو عبيدة وغيره مُخَلَّدُونَ معناه مقرطون، والخلدات حلي يعلق في الآذان، ومنه قول الشاعر: [الكامل]
ومخلدات باللجين كأنما | أعجازهن أقاوب الكثبان |
قوله عز وجل:
[سورة الإنسان (٧٦) : الآيات ٢١ الى ٢٦]
عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً (٢١) إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (٢٢) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً (٢٣) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (٢٤) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٢٥)
وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً (٢٦)
قرأ نافع وحمزة وأبان عن عاصم: «عاليهم» على الرفع بالابتداء وهي قراءة الأعرج وأبي جعفر وشيبة وابن محيصن وابن عباس بخلاف عنه، وقرأ الباقون وعاصم «عاليهم» بالنصب على الحال، والعامل فيه لَقَّاهُمْ [الإنسان: ١١] أو جَزاهُمْ [الإنسان: ١٢]، وهي قراءة عمر بن الخطاب وابن عباس والحسن ومجاهد والجحدري وأهل مكة، وقرأ الأعمش وطلحة: «عاليتهم»، وكذلك هي في مصحف عبد الله، وقرأ أيضا الأعمش «عاليتهم» بالنصب على الحال، وقد يجوز في النصب في القراءتين أن يكون