و «الأحقاب» : جمع حقب بفتح القاف، وحقب: بكسر الحاء، وحقب: بضم القاف، وهو جمع حقبة ومنه قول متمم: [الطويل]
وكنا كندماني جذيمة حقبة | من الدهر حتى قيل لن تصدعا |
الحقب سبعون ألف سنة، وقيل: خمسون ألف سنة، وقال أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم: إنه ثلاثون ألف سنة وكثر الناس في هذا اللازم أن الله تعالى أخبر عن الكفار أنهم يلبثون أَحْقاباً كلما مر حقب جاء غيره إلى ما لا نهاية، قال الحسن: ليس لها عدة إلا الخلود في النار، ومن الناس من ظن لذكر الأحقاب أن مدة العذاب تنحصر وتتم فطلبوا التأويل لذلك، فقال مقاتل بن حيان: الحقب سبعة عشر ألف سنة، وهي منسوخة بقوله تعالى: فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً [النبأ: ٣٠]، وقد ذكرنا فساد هذا القول، وقال آخرون الموصوفون باللبث أَحْقاباً عصاة المؤمنين، وهذا أيضا ضعيف ما بعده في السورة يدل عليه، وقال آخرون: إنما المعنى: لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً غير ذائقين بردا ولا شرابا، فهذه الحال يلبثون أحقابا ثم يبقى العذاب سرمدا وهم يشربون أشربة جهنم، وقرأ الجمهور «لابثين»، وقرأ حمزة وحده وابن مسعود وعلقمة وابن وثاب وعمرو بن ميمون وعمرو بن شرحبيل وابن جبير: «لبثن» جمع لبث، وهي قراءة معترضة لأن فعلا إنما يكون فيما صار خلقا كحذر وفرق، وقد جاء شاذا فيما ليس بخلق وأنشد الطبري وغيره في ذلك بيت لبيد: [الكامل]
أو مسحل عمل عضادة سمحج | بسراته ندب له وكلوم |
قوله عز وجل:
[سورة النبإ (٧٨) : الآيات ٢٤ الى ٣٧]
لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢٤) إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً (٢٥) جَزاءً وِفاقاً (٢٦) إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (٢٨)
وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذاباً (٣٠) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (٣١) حَدائِقَ وَأَعْناباً (٣٢) وَكَواعِبَ أَتْراباً (٣٣)
وَكَأْساً دِهاقاً (٣٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً (٣٥) جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً (٣٦) رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً (٣٧)
قال أبو عبيدة والكسائي والفضل بن خالد ومعاذ النحوي: «البرد» في هذه الآية: النوم، والعرب