إن لم ينته بأن يؤخذ بناصيته فيجر إلى جهنم ذليلا، تقول العرب: سفعت بيدي ناصية الفرس، والرجل إذا جذبتها مذللا له، قال عمرو بن معد يكرب: [الكامل]
قوم إذا سمعوا الصياح رأيتهم | ما بين ملجم مهره أو سافع |
لَنَسْفَعاً معناه: لنحرقن من قولهم سفعته النار إذا أحرقته، واكتفى بذكر الناصية لدلالتها على الوجه، وجاء لَنَسْفَعاً في خط المصحف بألف بدل النون، وقرأ أبو عمرو في رواية هارون: «لنسفعن» مثقلة النون، وفي مصحف ابن مسعود: «لأسفعن بالناصية ناصية كاذبة فاجرة»، وقرأ أبو حيوة: «ناصية كاذبة خاطئة» بالنصب في الثلاثة، وروي عن الكسائي أنه قرأ بالرفع فيها كلها، والناصية مقدم شعر الرأس، ثم أبدل النكرة من المعرفة في قوله: ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ ووصفها بالكذب والخطإ من حيث صفة لصاحبها، كما تقول: يد سارقة، وقوله: فَلْيَدْعُ نادِيَهُ إشارة إلى قول أبي جهل، وما بالوادي أكثر ناديا مني، والنادي والندى المجلس ومنه دار الندوة ومنه قول زهير: [الكامل]
وفيهم مقامات حسان وجوههم | وأندية ينتابها القول والفعل |
ومستعجب مما يرى من أناتنا | ولو زبنته الحرب لم يترموم |
[الوافر]
عدتني عن زيارتك الأعادي | وحالت بيننا حرب زبون |
وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ، وروى ابن وهب عن جماعة من أهل العلم أن قوله تعالى: وَاسْجُدْ خطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم، وأن اقْتَرِبْ خطاب لأبي جهل، أي إن كنت تجترئ حتى ترى كيف تهلك، وهذه السورة فيها سجدة عند جماعة من أهل العلم، منهم في مذهب مالك ابن وهب.