٦٣١ - وإِذ قد عرفتَ ما قررناه من أنَّ من شأنِ الجملة أن يصير معناها بالبناء عليها شيئاً غيرَ الذي كان، وأنه يتغيِّر في ذاته، فاعلم أن ما كان من الشعر مثل بيت بشار:
كأن مثار النقع فوق روسنا | وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه١ |
كأنَّ قُلوبَ الطيرِ رَطْباً ويابساً | لَدى وَكْرِها العناب والحشف البالي٢ |
وإِنّا وما تُلقِي لَنا إنْ هجَوْتَنا | لَكالبحر مَهْما يُلْقَ في البحرِ يَغْرَقِ٣ |
وهكذا سبيل البيتين الآخرين. فقولهُ: "كأنَّ قُلوبَ الطيرِ رَطْباً ويابساً لدى وَكْرِها" جزءٌ وقولهُ: "العنابُ والحَشفُ البالي" الجزء الثاني وقوله: "وإنَّا وما تُلْقي لنا إِنْ هَجَوتَنا" جزء، وقوله: "لكالبحرِ، الجزء الثاني، وقولُه: "مهما تلقِ في البحر يغرقِ"، وإن كان جملة مستأنفة ليس لها في الظاهر تعلق بقوله: "لكالبحر"، فإِنها لما كانت مبيِّنة لحال هذه التشبيه، صارتْ كأنَّها متعلَّقة بهذا التشبيه، وجرى مجرى أن تقول: "كالبحر في أنَّه لا يُلقى فيه شيء إلا غرق".
١ سلف في رقم: ٨٤، ٤٨٥.
٢ سلف في رقم: ٨٤.
٣ سلف في رقم: ٨٤.
٢ سلف في رقم: ٨٤.
٣ سلف في رقم: ٨٤.