فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْله تَعَالَى: ﴿أَفْضَى﴾ [النساء: ٢١] أَفْعَلُ مِنْ الْفَضَاءِ، وَهُوَ كُلُّ مَوْضِعٍ خَالٍ، فَقَالَ: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ، وَقَدْ كَانَتْ الْخَلْوَةُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُنَّ؟ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْمَهْرِ بِالْخَلْوَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَمَسَائِلِ الْخِلَافِ. وَلِمَالِكٍ فِي ذَلِكَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٌ: إحْدَاهُنَّ: يَسْتَقِرُّ الْمَهْرُ بِالْخَلْوَةِ. الثَّانِي: لَا يَسْتَقِرُّ إلَّا بِالْوَطْءِ. الثَّالِثُ: يَسْتَقِرُّ بِالْخَلْوَةِ فِي بَيْتِ الْإِهْدَاءِ. وَالْأَصَحُّ اسْتِقْرَارُهُ بِالْخَلْوَةِ مُطْلَقًا، وَيَلِيهِ فِي بَيْتِ الْإِهْدَاءِ. وَأَمَّا وُقُوفُهُ عَلَى الْوَطْءِ فَضَعِيفٌ.
[مَسْأَلَةٌ مَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [النساء: ٢١] فِيهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا قَوْلُهُ: ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ٢٢٩]. الثَّانِي: كَلِمَةُ النِّكَاحِ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَهِيَ قَوْلُهُ: (نَكَحَتْ). وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ نَحْوُهُ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ». وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.


الصفحة التالية
Icon