لَا تَسْتَحِلُّ الزِّنَا أَوْ بِمُشْرِكَةٍ تَسْتَحِلُّهُ، وَالزَّانِيَةُ لَا يَزْنِي بِهَا إلَّا زَانٍ لَا يَسْتَحِلُّ الزِّنَا أَوْ مُشْرِكٌ يَسْتَحِلُّهُ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ فَمَا فَهِمَ النَّسْخَ؛ إذْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بَيْنَ الْآيَتَيْنِ الْمُتَعَارِضَتَيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ بَلْ الْآيَةُ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا عَاضِدَةٌ لِهَذِهِ الْآيَةِ وَمُوَافَقَةٌ لَهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ نِكَاحَ الزُّنَاةِ وَالزَّوَانِي، وَأَمَرَ بِنِكَاحِ الصَّالِحَاتِ وَالصَّالِحِينَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: هَذِهِ الْآيَةُ وَإِنْ كَانَتْ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ فَكَذَلِكَ هُوَ مَعْنَاهَا، وَهِيَ خَبَرٌ عَنْ حُكْمِ الشَّرْعِ، فَإِنْ وُجِدَ خِلَافُ الْمَخْبَرِ فَلَيْسَ مِنْ الشَّرْعِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ]
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ [النساء: ٢٥]: كَانَتْ الْبَغَايَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى قِسْمَيْنِ: مَشْهُورَاتٌ وَمُتَّخِذَاتُ أَخْدَانٍ، وَكَانُوا بِعُقُولِهِمْ يُحَرِّمُونَ مَا ظَهَرَ مِنْ الزِّنَا وَيَحِلُّونَ مَا بَطَنَ؛ فَنَهَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ الْجَمِيعِ.
[مَسْأَلَة لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَأَمَتِي وَلْيَقُلْ فَتَايَ وَفَتَاتِي]
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ [النساء: ٢٥]. يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَتَى وَفَتَاةً وَصْفٌ لِلْعَبِيدِ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَأَمَتِي وَلْيَقُلْ فَتَايَ وَفَتَاتِي». وَمِنْ هَاهُنَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ كَانَ عَبْدًا لِمُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ﴾ [الكهف: ٦٠]؛ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْآيَة الثَّانِيَة وَالْعُشْرُونَ قَوْله تَعَالَى فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ]
ٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النساء: ٢٥]. فِيهَا سَبْعُ مَسَائِلَ: