[الْآيَة الثَّانِيَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ]
ٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: ٢٨].فِيهَا عَشْرُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقْدَمُونَ لِلتِّجَارَةِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ [التوبة: ٢٨] الْآيَةَ.
رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَرَوَى غَيْرُهُ أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ بِإِخْرَاجِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ مَكَّةَ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: كَيْفَ بِمَا نُصِيبُ مِنْهُمْ فِي التِّجَارَةِ فِي الْمِيرَةِ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ [التوبة: ٢٩]. فَأَغْنَاهُمْ اللَّهُ بِالْجِزْيَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: «لَمَّا نَزَلَتْ الْآيَةُ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيٍّ: نَادِ فِي أَذَانِك أَلَّا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ».
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ التِّلَاوَةُ بَعْدَ الْأَذَانِ؛ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَحُجَّ فِي الْعَامِ الثَّانِي كَرَّمَهُ اللَّهُ وَكَرَّمَ دِينَهُ عَنْ أَنْ يُخَالِطَهُمْ مُشْرِكٌ.
وَقِيلَ: إذَا امْتَنَعَ دُخُولُ الْمُشْرِكِينَ مَكَّةَ لِعِزَّةِ الْإِسْلَامِ، فَلِمَ يَبْقَى النَّاسُ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ الذُّلِّ وَالْهَوَانِ؟ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ [التوبة: ٢٨]: اعْلَمُوا وَفَّقَكُمْ اللَّهُ أَنَّ النَّجَاسَةَ لَيْسَتْ بِعَيْنٍ حِسِّيَّةٍ، وَإِنَّمَا هِيَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، أَمَرَ اللَّهَ بِإِبْعَادِهَا، كَمَا أَمَرَ بِإِبْعَادِ الْبَدَنِ عَنْ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْحَدَثِ، وَكِلَاهُمَا أَمْرٌ شَرْعِيٌّ لَيْسَ بِعَيْنٍ حِسِّيَّةٍ.