وَإِنَّمَا هِيَ بِحَسَبِ مَا يُدَبِّرُهَا الْعَزِيزُ الْقَدِيرُ، فَيَغْلِبُ الصَّغِيرُ الْكَبِيرَ، لِيَعْلَمَ الْخَلْقُ أَنَّ الْغَالِبَ هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [الحج: ٣٧]
ذَكَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اسْمَهُ عَلَيْهَا فِي الْآيَةِ قَبْلَهَا فَقَالَ: ﴿فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ﴾ [الحج: ٣٦]، وَذَكَرَ هَاهُنَا التَّكْبِيرَ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَجْمَعُ بَيْنَهَا إذَا نَحَرَ هَدْيَهُ، فَيَقُولُ: " بِسْمِ اللَّهِ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ ". وَهَذَا مِنْ فِقْهِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الذَّبْحِ وَالتَّكْبِيرُ عِنْدَ الْإِحْلَالِ بَدَلًا مِنْ التَّلْبِيَةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَفِعْلُ ابْنِ عُمَرَ أَفْقَهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْآيَة الثَّانِيَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا]
وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: ٣٩].
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: سَبَبُ نُزُولِهَا: وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجُوا نَبِيَّهُمْ، إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، لَيَهْلِكُنَّ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا﴾ [الحج: ٣٩]. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَعَرَفْت أَنَّهُ سَيَكُونُ قِتَالٌ»؛ خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.
الثَّانِي: قَالَ مُجَاهِدٌ: الْآيَةُ مَخْصُوصَةٌ، نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مُهَاجِرِينَ، وَكَانُوا يُمْنَعُونَ، فَأَذِنَ اللَّهُ فِي قِتَالِهِمْ، وَهِيَ أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقِتَالِ.
الثَّالِثُ: قَالَ الضَّحَّاكُ: اسْتَأْذَنَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ، فَقِيلَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾ [الحج: ٣٨]


الصفحة التالية
Icon