١٣٥ - ١٤٦ ١٤٧ ١٤٨ النساء
﴿إنَّ المُنَافِقِينَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾ وهو الطبقة التى فى قعر جهنم وإنما كان كذلك لأنهم أخبث الكفرة حيث ضموا إلى الكفر الاستهزاء بالإسلام وأهله وخداعهم وأما قوله ﷺ ثلاثٌ من كنّ فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان ونحوه فمن باب التشديد والتهديد والتغليظ مبالغة فى الزجر وتسمية طبقاتها السبع دركات لكونها متداركة متتابعة بعضها تحت بعض وقرئ بفتح الراء وهو لغة كالسطر والسطر ويعضده أن جمعه أدراك
﴿ولن تجد لهم نصيراً﴾ يخلصهم منه والخطاب كما سبق
﴿إلا الذين تابوا﴾ أي عن النفاق وهو استثناء من المنافقين بل من ضميرهم فى الخبر
﴿وأصلحوا﴾ ما أفسدوا من أحوالهم فى حال النفاق
﴿واعتصموا بالله﴾ أى وثقوا به وتمسكوا بدينه
﴿وأخلصوا دينهم﴾ أى جعلوه خالصاً
﴿لله﴾ لا يبتغون بطاعتهم إلا وجهه
﴿فأولئك﴾ إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز الصلةِ وما فيهِ منْ مَعْنى البُعدِ للإيذانِ ببعدِ المنزلة وعلو الطبقة
﴿مع المؤمنين﴾ أى المؤمنين المعهودين الذين لم يصدر عنهم نفاق أصلا منذ آمنوا وإلا فهم أيضاً مؤمنون أى معهم فى الدرجات العالية من الجنة وقد بين ذلك بقوله تعالى
﴿وسوف يؤت الله المؤمنين أَجْراً عَظِيماً﴾ لا يُقادر قدره فيساهمونهم فيه
﴿ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم﴾ استئناف مسوق لبيان أن مدار تعذيبهم وجوداً وعدماً إنما هو كفرهم لاشئ آخر فيكون مقرراً لما قبله من إثابتهم عن توبيتهم وما استفهامية مفيدة للنفى على أبلغِ وجهٍ وآكدِه أى أى شئ يفعل الله سبحانه بتعذيبكم أيتشفى به من الغيظ أم يدرك به الثأر أم يستجلب به نفعاً أم يستدفع به ضرراً كما هو شأن الملوك وهو الغنى المتعالى عن أمثال ذلك وإنما هوأمر يقتضيه كفركم فإذا زال ذلك بالإيمان والشكر انتفى التعذيب لامحالة وتقديم الشكر على الإيمان لما أنه طريق موصل إليه فإن النظر يدرك أولا ما عليه من النعم الأنفسية والافاقية فيشكر شكراً مبهماً ثم يترقى إلى معرفة المنعم فيؤمن به وجوابُ الشرط محذوفٌ لدلالة ما قبله عليه
﴿وكان الله شاكراً﴾ الشكر من الله سبحانه هو الرضا باليسير من طاعة عباده وأضعاف الثواب بمقابلته
﴿عَلِيماً﴾ مُبالغاً في العلمِ بجميعِ المعلوماتِ التي مِنْ جملتها شكركم وإيمانكم فيستحيل أن لا يوفيكم أجوركم
﴿لاَّ يُحِبُّ الله الجهر بالسوء مِنَ القول﴾ عدمُ محبتِه تعالى لشيء كنايةٌ عن سَخَطه والباءُ متعلقةٌ بالجهر ١٤٨ ومِنْ بمحذوفٍ وقعَ حالاً من السوء أي لا يحب الله تعالى أن يجهرَ أحدٌ بالسوء كائناً من القول
﴿إَلاَّ مَن ظَلَمَ﴾


الصفحة التالية
Icon