٦٢ - ٦٣ ٦٤ آل عمران
ألفاً في صَفَر وألفاً في رجبٍ وثلاثين درعاً عادية من حديد فصالحهم على ذلك وقال والذي نفسي بيدِه إنَّ الهلاكَ قد تدلَّى على أهل نجران ولولا عنوا لمسخوا قردة وخنازير ولا ضطرم عليهم الوادي نارا ولا ستأصل الله نجرانَ وأهلَه حتى الطير على رءوس الشجر ولما حال الحولُ على النصارى كلِّهم حتى يهلكوا
﴿إِنَّ هَذَا﴾ أي ما قُصّ من نبأ عيسى وأمِّه عليهما السلام
﴿لَهُوَ القصص الحق﴾ دون ما عداه من أكاذيبِ النصارى فهو ضميرُ الفصلِ دخلتْه اللامُ لكونه أقربَ إلى المبتدإ من الخبر وأصلها أن تدخُلَ المبتدأَ وقرىء لهْوَ بسكون الهاء والقصصُ خبرُ إن والحقُّ صفتُه أو هو مبتدأٌ والقصصُ خبرُه والجملةُ خبرٌ لإن
﴿وَمَا مِنْ إله إِلاَّ الله﴾ صرّح فيه بمن الأستغراقية تأكيد للرد على النصارى في تثليثهم
﴿وَإِنَّ الله لَهُوَ العزيز﴾ القادرُ على جميع المقدوراتِ
﴿الحكيم﴾ المحيطُ بالمعلومات لا أحدَ يشاركُه في القدرة والحِكمة ليشاركَه في الألوهية
﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ﴾ عن التوحيد وقبول الحق الذي قص عليك بعد ما عاينوا تلك الحجج المنيرة والبراهينَ الساطعة
﴿فَإِنَّ الله عَلِيمٌ بالمفسدين﴾ أي بهم وإنما وُضِعَ موضعَه ما وُضِع للإيذان بأن الإعراضَ عن التوحيد والحقِّ الذي لا محيدَ عنه بعدما قامت به الحججُ إفسادٌ للعالم وفيه من شدة الوعيد ما لا يخفى
﴿قل يا أَهْلِ الكتاب﴾ أمرٌ بخطاب أهلِ الكتابين وقيل بخطاب وفدِ نجْرانَ وقيل بخطاب يهودِ المدينةِ
﴿تَعَالَوْاْ إلى كَلِمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾ لا يختلف فيها الرسلُ والكتب وهي
﴿ألا نَعْبُدَ إِلاَّ الله﴾ أي نوحِّدُه بالعبادة ونُخلِصُ فيها
﴿وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً﴾ ولا نجعلَ غيرَه شريكاً له في استحقاق العبادةِ ولا نراه أهلاً لأن يُعبد
﴿وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا من دُونِ الله﴾ بأن نقولَ عزيرٌ ابنُ الله والمسيحُ ابن الله ولا نُطيعَ الأحبارَ فيما أحدثوا من التحريم والتحليل لأن كلاً منهم بعضُنا بشرٌ مثلُنا رُوي أنَّه لمَّا نزلتْ ﴿اتَّخذوا أحبارَهم ورهبانَهم أَرْبَاباً مِن دُونِ الله﴾ قَالَ عديُّ بنُ حاتم ما كنا نعبُدهم يا رسولَ الله فقالَ عليه السلام أليس كانوا يُحِلّون لكم ويحرِّمون فتأخذون بقولهم قال نعم قال عليه السلام هو ذاك
﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ﴾ عما دعوتوهم إليه من التوحيد وتركِ الإشراك
﴿فَقُولُواْ﴾ أي قل لهم أنت والمؤمنون
﴿اشهدوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ أي لزِمْتكم الحُجةُ فاعترِفوا بأنا مسلمون دونكم أو اعترِفوا بأنكم كافرون بما نطَقَتْ به الكتُب وتطابقت عليه الرسلُ عليهم السلام تنبيه انظُر إلى ما روعيَ في هذه القصة من المبالغة في الإرشاد وحسنِ التدرُّجِ في المُحاجَّة حيث بيّن أولاً أحوالَ عيسى عليه السلام وما توارد عليه من الأطوار المنافيةِ للإلهية ثم ذُكر كيفيةُ دعوتِه للناس إلى التوحيد والإسلام فلما ظهر عنادهم دُعُوْا إلى المباهلة بنوع من الإعجاز ثم لما أعرَضوا عنها وانقادوا بعضَ الانقياد دُعوا إلى ما اتفق