﴿فما فوقها﴾ أي فما دونها؛ لأن الفوقية تكون للأدنى، وللأعلى، كما أن الوراء تكون للأمام، وللخلف، كما في قوله تعالى: ﴿وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً﴾ [الكهف: ٧٩] أي كان أمامهم..
قوله تعالى: ﴿فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه﴾ أي المثل الذي ضربه الله ﴿الحق من ربهم﴾، ويؤمنون به، ويرون أن فيه آيات بينات..
قوله تعالى: ﴿وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلاً﴾ لأنه لم يتبين لهم الحق لإعراضهم عنه، وقد قال الله تعالى: ﴿إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين * كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون﴾ (المطففين: ١٣، ١٤)..
وقوله تعالى: ﴿ماذا﴾ :"ما" هنا اسم استفهام مبتدأ؛ و "ذا" اسم موصول بمعنى "الذي" خبر المبتدأ. أي: ما الذي أراد الله بهذا مثلاً، كما قال ابن مالك:.
(ومثل ماذا بعد ما استفهام أو مَن إذا لم تلغ في الكلام) قوله تعالى: ﴿يضل به كثيراً﴾ : الجملة استئنافية لبيان الحكمة من ضرب المثل بالشيء الحقير؛ ولهذا ينبغي الوقوف على قوله تعالى: ﴿ماذا أراد الله بهذا مثلاً﴾ ؛ و ﴿يضل به﴾ أي بالمثل؛ ﴿كثيراً﴾ أي من الناس؛ ﴿ويهدي به كثيراً وما يضل به إلا الفاسقين﴾ أي الخارجين عن طاعة الله؛ والمراد هنا الخروج المطلق الذي هو الكفر؛ لأن الفسق قد يراد به الكفر؛ وقد يراد به ما دونه؛ ففي قوله تبارك وتعالى: ﴿وأما الذين فسقوا فمأواهم النار﴾ [السجدة: ٢٠] : المراد به في هذه الآية الكفر؛ وكذلك هنا..


الصفحة التالية
Icon