بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: بنا يعقوب بن سفيان، قال: بنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ قَالَ: "لَمْ تُنْسَخْ، وَلَكِنْ حَقَّ تقاته: أَنْ تُجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ. وَلا تَأْخُذُهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ وَيَقُومُوا لِلَّهِ بِالْقِسْطِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَآبَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ".
وَهَذَا مَذْهَبُ طَاوُسٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ١.
لأن التقوى: هو اجْتِنَابُ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ شَيْءٍ وَلا أَمَرَ بِهِ إِلا وَهُوَ دَاخِلٌ تحت (الطاقة) ٢ كما قال عزوجل: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَهَا﴾ ٣.
فَالْآيَتَانِ مُتَوَافِقَتَانِ، وَالتَّقْدِيرُ: "اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ".
فَقَدْ فَهِمَ الأَوَّلُونَ مِنَ الآيَةِ تَكْلِيفَ مَا لا يُسْتَطَاعُ فَحَكَمُوا بِالنَّسْخِ وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَهَا﴾ وإنما قوله حق تقاته، كقوله: حق جهاده، الحق ها هنا بِمَعْنَى الْحَقِيقَةِ. ثُمَّ إِنَّ هَفْوَةَ المذنب

١ ذكر هذا القول عن ابن عباس وطاؤس الطبري في جامع البيان ٤/ ٢٠، وابن أبي حاتم في تفسيره المخطوط عند ذكر هذه الآية كما عزا إليه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٦٠. وذكره أيضاً مكي بن أبي طالب في الإيضاح ص: ١٢٢، والمؤلف في زاد المسير١/ ٤٣٣ عنهما.
٢ في (م): الطاعة، وهو تحريف.
٣ الآية (٢٨٦) من سورة البقرة.


الصفحة التالية
Icon