ذِكْرُ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ ١ قَدْ ذَكَرُوا فِي هَذِهِ الآيَةِ ثلاثة أقوال:
أحدها: أَنَّ حُكْمَ الأُسَارَى كَانَ وُجُوبَ قَتْلِهِمْ ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ ٢ قَالَهُ الْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ وَالضَّحَّاكُ (فِي آخَرِينَ) ٣، وَهَذَا يَرُدُّهُ قَوْلُهُ: ﴿وَخُذُوهُمْ﴾ وَالثَّانِي: بِالْعَكْسِ فَإِنَّهُ كَانَ الْحُكْمُ فِي الأُسَارَى، أَنَّهُ لا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ صَبْرًا، وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْمَنُّ أَوِ الْفِدَاءُ، بِقَوْلِهِ: ﴿فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ ٤ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ ٥. قاله مجاهد وقتادة٦.
٢ الآية الرابعة من سورة محمد.
٣ غير واضحة من (هـ). ذكر هذا القول النحاس وأبو محمّد مكي بن أبي طالب عن الضحاك وعطاء والسدي. انظر: الناسخ والمنسوخ (١٦٤)؛ والإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه (٢٦٧).
٤ الآية الرابعة من سورة محمّد.
٥ الآية الخامسة من سورة التوبة.
٦ ذكر المؤلف في زاد المسير ٣/ ٣٩٩، هذا القول عن مجاهد، وقتادة. وأما مكي بن أبي طالب، فحكى عن قتادة أن هذه الآية محكمة ناسخة لقوله: ﴿فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ ثم قال: نقلاً عن ابن زيد: "الآيتان محكمتان غير منسوختين، ومعنى آية براءة أنه تعالى ذكره أمر بقتل المشركين حيث وجدوا، ثم قال: ﴿وَخُذُوهُمْ﴾ يعني: أساري القتل أو المن أو الفداء". انظر: الإيضاح ص: ٣٦٧.