ذِكْرُ الْآيَةِ الثَّالِثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً﴾ ١.
زَعَمَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ٢، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّ قوله ﴿ذَرْنِي﴾ وَعِيدٌ، وَأَمْرُهُ بِإِمْهَالِهِمْ لَيْسَ عَلَى الإِطْلاقِ، بَلْ أَمَرَهُ بِإِمْهَالِهِمْ إِلَى حِينِ يُؤْمَرُ بِقِتَالِهِمْ فَذَهَبَ زَمَانُ الإِمْهَالِ فَأَيْنَ وَجْهُ النَّسْخِ؟ ٣.
ذِكْرُ الآيَةِ الرَّابِعَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً﴾ ٤.
زَعَمَ بَعْضُ مَنْ لا فَهْمَ لَهُ أَنَّهَا نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ ٥ وَلَيْسَ هَذَا بِكَلامِ مَنْ يَدْرِي مَا يَقُولُ، لِأَنَّ الآيَةَ الأُولَى أَثْبَتَتْ لِلإِنْسَانِ مَشِيئَتَهُ، وَالآيَةَ الثَّانِيَةَ أَثْبَتَتْ أَنَّهُ لا يَشَاءُ حَتَّى يَشَاءَ اللَّهُ وَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ النَّسْخُ؟ ٦.
٢ ذكره ابن حزم في معرفة الناسخ والمنسوخ ص: ٣٨٣.
٣ أنكر المؤلف دعوى النسخ هنا بقوله: (وليس بصحيح) في زاد المسير٨/ ٣٩٣، وأعرض عن ذكرها النحاس ومكي بن أبي طالب، وهبة الله في نواسخهم.
٤ الآية (١٩) من سورة المزمل.
٥ الآية (٣٠) من سورة الدهر، ذكر قول النسخ هنا ابن حزم في المصدر السابق، وابن سلامة في ناسخه ص: ٩٦.
٦ قلت: أعرض المؤلف دعوى النسخ هنا في تفسيره وفي مختصر عمدة الراسخ كما أعرض أصحاب أمهات كتب النسخ عن ذكرها.