المشكلات إذا نُظرت مع الآية التي قبلها ومع آية الغنيمة من سورة الأنفال. ولا خلاف في أن قوله تعالى: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾ (١) إنما نزلت فيما صار لرسول الله - ﷺ - من أموال الكفار بغير إيجاف، وبذلك فسّرها عُمر ولم يخالفه أحد.
وأما آية الأنفال ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ.. ﴾ فلا خلاف أنها نزلت فيما صار من أموال الكفار بإيجاف، وأما الآية الثانية من الحشر ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ فاختلف أهل العلم فيها، فمنهم من أضافها إلى التي قبلها، ومنهم من أضافها إلى آية الأنفال وأنهما نزلتا بحكمين مختلفين في الغنيمة الموجف عليها، وأن آية الأنفال نسخت آية الحشر.
ومنهم من قال: إنها نزلت في معنى ثالث غير المعنيين المذكورين في الآيتين: واختلف الذاهبون إلى هذا: فقيل نزلت في خراج الأرض والجزية دون بقية الأموال، وقيل نزلت في حكم الأرض خاصة دون سائر أموال الكفار (فتكون تخصيصاً لآية الأنفال) وإلى هذا ذهب مالك، والآية عند أهل هذه المقالة غير
_________
(١) سورة الحشر، الآية (٦).


الصفحة التالية
Icon