لآية "الحشر": ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾، قال: فنسخت آية "الأنفال" تلك، وجعلت الغنائم: أربعة أخماسها للمجاهدين، وخمسًا منها لهؤلاء المذكورين " (١).
حجة القائلين بأن الآية محكمة:
ذكر الطبري أنه يروى عن أهل العلم في المراد بالفيء ثلاثة مذاهب:
"المذهب الأول: إنه عز وجل عنى بذلك الجزية والخراج؛ فقد أخرج عن معمر بسند صحيح: قوله ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾ بلغني أنها الجزية والخراج: خراج أهل القرى.
والمذهب الثاني: إنه جل ثناؤه عنى بذلك الغنيمة التي يصيبها المسلمون من عدوهم، من أهل الحرب، بالقتال عنوة.
والمذهب الثالث: إنه تعالى عنى بذلك ما صالح عليه أهل الحرب المسلمين من أموالهم، وقال أصحاب هذا المذهب: قوله: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾ بيان قسم المال الذي ذكره الله في الآية التي قبل هذه الآية، وذلك قوله: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾، وهذا قول كان يقوله بعض المتفقهة من المتأخرين (٢).
_________
(١) تفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج ٧، ص ٨١.
(٢) انظر جامع البيان / الطبري، ج ٢٨، ص ٤٧.


الصفحة التالية
Icon