والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى متقاربتاه، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيب " (١).
وقال ابن زنجلة: " قرأ حمزة وأبو بكر: وله الجوار المنشئات بكسر الشين أي: المبتدئات في السير، قال الفراء: المنشئات اللاتي أقبلن وأدبرن، وقال بعض أهل النحو: المعنى المنشئات السير فحذف المفعول للعمل به ونسب الفعل إليها على الاتساع، كما يقال: مات زيد ومرض عمرو ونحو ذلك، مما يضاف الفعل إليه إذا وجد فيه وهو في الحقيقة بهبوب الريح ودفع الرجال.
وقرأ الباقون: المنشآت بفتح الشين، قال أبو عبيدة: المنشآت المجريات المرفوعات الشرع وهي مفعولة لأنها أنشئت وأجريت ولم تفعل ذلك أنفسها أي فعل بها الإنشاء فهذا بين لا إشكال فيه" (٢).
القول الراجح:
فيما يبدو لي والله أعلم أن القراءتين تؤولان إلى معنى واحد، وهذا لا يعد مأخذاً على ابن عاشور، لأن كل قراءة ابتداء تفيد معنى جديدا، ولذلك قال الطبري بعد أن ذكر كلا القراءتين: " والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى متقاربتاه، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب " (٣).
قال أبو علي الفارسي: " وجه من قال: (المنشَئات) أنها أُنشئت وأجريت، ولم
_________
(١) جامع البيان / الطبري، ج ٢٧، ص ١٥٥.
(٢) حجة القراءات / ابن زنجلة، ج ١، ص ٦٩٢.
(٣) تفسير الطبري، ج ٢٧، ص ١١٥.