من أحد من أهل الأديان، بل لا يقبل إلا الإسلام أو السيف-فأخبرت هذه الآية الكريمة أن يؤمن به جميع أهل الكتاب حينئذ، ولا يتخلف عن التصديق به واحد منهم؛ ولهذا قال: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾ أي: قبل موت عيسى، الذي زعم اليهود ومن وافقهم من النصارى أنه قتل وصلب " (١).
أما ترجيح ابن عاشور واستناده إلى قراءة أبي (إلا ليؤمنن به قبل موتهم) بضم النون وإلحاق ميم الجميع فلا أراه قد وافق الصواب فيها، لاسيما وقراءة أبي هذه ليست قراءة سبعية، أضف إلى أن هناك أكثر من قاعدة تفيد ترجيح هذا القول، منها: (القول الذي يدل عليه السياق أولى من غيره)، وسياق الآيات قبل هذه الآية تتحدث عن عيسى عليه السلام.
قال الشنقيطي: " فالجواب أن يكون الضمير راجعاً إلى عيسى، يجب المصير إليه، دون القول الآخر، لأنه أرجح منه من أربعة أوجه:
الأول: أنه هو ظاهر القرآن المتبادر منه، وعليه تنسجم الضمائر بعضها مع بعض. والقول الآخر بخلاف ذلك. وإيضاح هذا أن الله تعالى قال: :﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ﴾ (٢).
ثم قال تعالى: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ﴾ أي عيسى ﴿وَمَا صَلَبُوهُ﴾ أي عيسى
_________
(١) تفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج ٤، ص ٣٤٥.
(٢) سورة النساء، الآية (١٥٧).


الصفحة التالية