وطيب عيش الغنيّ والفقير. وعن سفيان أنه خرج إلى الشام فقيل له: إلى أين؟ فقال: إلى بلد يملأ فيه الجراب بدرهم. وقيل: ما من ماء عذب إلا وينبع أصله من تحت الصخرة التي ببيت المقدس. وروى أنه نزل بفلسطين، ولوط بالمؤتفكة وبينهما مسيرة يوم وليلة.
(وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ) [الأنبياء: ٧٢].
النافلة: ولد الولد. وقيل: سأل إسحاق فأعطيه، وأعطى يعقوب نافلة، أى: زيادة وفضلا من غير سؤال.
(وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) [الأنبياء: ٧٣].
(يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) فيه أن من صلح ليكون قدوة في دين الله فالهداية محتومة عليه مأمور هو بها من جهة الله، ليس له أن يخل بها ويتثاقل عنها، وأوّل ذلك أن يهتدى بنفسه، لأنّ الانتفاع بهداه أعم، والنفوس إلى الاقتداء بالمهدى أميل (فِعْلَ الْخَيْراتِ) أصله أن تفعل الخيرات، ثم فعلا الخيرات، ثم فعل الخيرات. وكذلك إقام الصلاة وإيتاء الزكاة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وطيب عيش الغني والفقير)، فإن الغني فيها شاكرٌ، والفقير قانعٌ صابر.
قوله: (وفيه أن من صلح ليكون قُدوةً)، يريدُ أن هذا الكلام واردٌ على سبيل المدح لهؤلاء المذورين، وأدمج فيه معنى مدحهم أولاً بصلاحهم في أنفسهم بقوله: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً) أي: قُدوةً يُقتدى بهم في الخير، ثم بإصلاحهم غيرهم بأمر ربهم بقوله (يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا) أي: يُرشدون الناس إلى طرق الخير بأمرنا إياهم بذلك، فيلزمُ على هذا أن تكون الهدايةُ محتومةً عليه وهو مأمورٌ به.
قوله: (لأن الانتفاع بهداه أعمُّ)، أي: أشملُ؛ لأن داعي الخير إذا لم يكن مهتدياً ربما فعله سبباً لتقاعس بعضِ الناس.
قوله: (أصله أن تُفعل الخيراتُ)، أي: الأصل في هذا أن يُقال: وأوحينا إليهم أن تفعلَ