عباس بن مرداس، وأنشأ يقول:
أَتَجْعَلُ نَهْبِى وَنَهْبَ الْعَبِيـ | ـدِ بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالأَقْرَعِ وَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حَابِسٌ |
وما كان حصنٌ ولا حابسٌ | وَمَنْ تَضَعِ الْيَوْم لَا يُرْفَعِ |
وما كنت دون امرئ منهما | ومن تضع اليوم لا يرفع |
[(إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا)].
ثم سلى رسول الله ﷺ عما كان يرهقه من الإضافة، بأنّ ذلك ليس لهوان منك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (يرهقه من الإضافة)، أي: يغشاه، النهاية: أرهقني فلان إثما حتى رهقته، أي: حملني إثماً حتى حملته له، جعل قوله: (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ) تعليلاً له لقوله: (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمْ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا)، يعني: إن أعرضت عن العفاة لفقد رزق من ربك ترجو أن يفتح لك (فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً) ولا تهتم بذلك، فإن ذلك ليس لهوان منك عليه، ولكن بيد الله مقاليد الرزق، وهو يقبض ويبسط كيف يشاء، وحكمته تابعة لمشيئته، لا بالعكس كما قال، ففوض الأمر إليه، فيكون قوله: (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ) معترضة تأكيداً لمعنى ما يقتضيه حكمة الله من القبض والبسط، وأمراً بالتأسي بسنة الله، كما هو في الوجه الثالث، وهو أن يُراد بالنهي عن البسط والقبض الأمر بالاقتصاد، على الوجهين الآخرين، تعليلٌ للأمر بالاقتصاد، وعلى الوجه الثاني التعليل مخالف لما ينبغي أني فعله العبد، يعني: البسط المفرط والقبض المفرط مختص بالله فاقتصد أنت واترك ما هو مختص بالله تعالى من البسط المفرط والقبض المفرط، وعلى الثالث موافق له، يعني أنكم إذا تحققتم فيما بسط الله تعالى وقبض، وأمعنتم النظر فيه وجدتموه مقتصداً، فاقتصدوا واستنوا بسنته.