داود. قال الله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) وهم محمد وأمته. فإن قلت: هلا عرّف الزبور كما عرّف في قوله (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُور) [الأنبياء: ١٠٥]؛ قلت: يجوز أن يكون الزبور وزبور كالعباس وعباس، والفضل وفضل، وأن يريد: وآتينا داود بعض الزبر؛ وهي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ووجه الدلالة أنه سبحانه وتعالى عطف (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً) على قوله: (فَضَّلْنَا) على طريق الوجود والحصول وعول التعليل إلى ذهن البليغ، كأنه تعالى قال: نحن أجملنا بيان تفضيل بعضهم على بعض، ونحن فصلناه بأن بينا ذلك فيما أعطينا عبدنا داود من الزبور، وفيه أن الأرض يرثها عبادي الصالحون، وإلى التعليل الإشارة بقوله: لأن ذلك مكتوب في زبور داود عليه السلام، ونحوه في التعويل إلى الذهن: ما رُوي أن المنصور وعد الهُذلي بجائزة ونسي، وحجا معاً، ومرا في المدينة ببيت عاتكة، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا بيت عاتكة الذي يقول فيه الأحوص:
يا بيت عاتكة الذي أتعزلُ
فأنكر عليه ذلك، فلما رجع أمر القصيدة التي فيها هذا المصراعُ على قلبه، فإذا فيها:
وأراك تفعل ما تقول وبعضهم | مذق اللسان يقول ما لا يفعل |
قوله: (كالعباس وعباس)، قال أبو البقاء: إنه علمٌ، يقال: زبور والزبور، كما يقال: عباس والعباس، أو هو نكرة، أي: كتاباً من جملة الكتب، وقال القاضي: الزبور في