في المنام، ومن قال: كان في اليقظة، فسر الرؤيا بالرؤية. وقيل: إنما سماها رؤيا على قول المكذبين حيث قالوا له: لعلها رؤيا، رأيتها، وخيال خيل إليك، استبعادًا منهم، كما سمى أشياء بأساميها عند الكفرة، نحو قوله: (فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ) [الصافات: ٩١]، (أَيْنَ شُرَكائِيَ) [النحل: ٢٧]، (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) [الدخان: ٤٩] وقيل: هي رؤياه أنه سيدخل مكة. وقيل: رأى في المنام أن ولد الحكم يتداولون منبره كما يتداول الصبيان الكرة. فإن قلت: أين لعنت شجرة الزقوم في القرآن؟ قلت:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ومن قال: كان في اليقظة، فسر الرؤيا بالرؤية)، يعني: على الأصل، قال المصنف في سورة يوسف: والرؤيا بمعنى الرؤية، إلا أنها مختصة بما كان فيها في المنام دون اليقظة. وفرق بينهما بحرفي التأنيث، كما قيل: القربة والقُربى، مثله استعمال الوعْدِ والوعيد. وروينا عن البخاري وأحمد بن حنبل والترمذي، عن ابن عباس في قوله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ) قال: "هي رؤيا عينٍ أريها النبي ﷺ ليلة أُسري به إلى بيت المقدس".
قوله: (وقيل: إنما سماها رؤيا على قول المكذبين)، يعني: على زعمهم والتهكم بهم، ويُمكن أن يكون هاهنا من باب المشاكلة.
قوله: (كما سمي أشياء بأساميها عند الكفرة)، سمي أصنامهم بالآلهة والشركاء في الآيتين، وأنفسهم بالعزيز الكريم في الآخرة على زعمهم، وكما هو عندهم.
قوله: (فراغ)، الجوهري: راغ إلى كذا، أي: مال إليه سراً، (فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ) [الصافات: ٩٣]، أي: أقبل. قال الفراء مال عليهم.
قوله: (رأى في المنام أن ولد الحكم يتداولون منبره). الحكم هو ابن العاص بن أمية بن