أن فعلا بمعنى فاعل، نحو: تعب وتاعب. ومعناه: وجمعك الرجل، وتضم جيمه أيضا، فيكون مثل حدث وحدث، وندس وندس، وأخوات لهما. يقال: رجل رجل. وقرئ: (ورجالك) (ورجالك). فإن قلت: ما معنى استفزاز إبليس بصوته وإجلابه بخيله ورجله؟ قلت: هو كلام ورد مورد التمثيل، مثلت حاله في تسلطه على من يغويه بمغوار أوقع على قوم فصوّت بهم صوتا يستفزهم من أماكنهم ويقلقهم عن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك على رجل فلان، كقولك: على رأس فلان، وترجلَ الرجلُ: نزل عن دابته، وترجلَ النهارُ: انحطت الشمسُ عن الحيطان، كأنها ترجلتْ، ورجل شعره، كأنه أنزله إلى حيث الرجلُ، والمرجلُ: القدرُ المنصوب، وأرجلتُ الفصيل: أرسلته مع أمه، كأنما جعلتَ له بذلك رجلاً.
قوله: (حدث): أي: حسنُ الحديثُ والندسُ: الفطن.
قوله: (ورد مورد التمثيل)، وهو على وجهين: أحدهما: التمثيل المحض بأن مُثلتْ حالُ الشيطان في تسلطه وإغوائه من غير تصور استفزاز وصوتٍ وخيلٍ ورجلٍ بحالة مغوارٍ مقدرة فيها هذه المذكورات، فاستعمل في تلك الحال ما يستعمل في هذه، نحوه قوله تعالى: (وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) [الزمر: ٦٧].
وثانيهما: التمثيل غير المحض، وذلك بأن يتصور له استفزاز وصوت ورجلٌ وخيل مجازي، كما قال: "بدعائه إلى الشر"، ورجله: كل راكب وماشٍ من أهل العبث.
قوله: (بمغوار). الجوهري: رجلٌ مغوارٌ ومغاورٌ، أي: مقاتل، وقومٌ مغاوير، وخيلٌ مُغيرة.


الصفحة التالية
Icon