يقال: فلان على فلان تبيع بحقه، أي مسيطر عليه مطالب له بحقه. والمعنى: أنا نفعل ما نفعل بهم، ثم لا تجد أحدا يطالبنا بما فعلنا انتصارا منا ودركا للثأر من جهتنا. وهذا نحو قوله (وَلا يَخافُ عُقْباها)] الشمس: ١٥ [(بِما كَفَرْتُمْ): بكفرانكم النعمة، يريد: إعراضهم حين نجاهم.
[(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً)].
قيل في تكرمة ابن آدم: كرّمه الله بالعقل، والنطق، والتمييز، والخط، والصورة الحسنة والقامة المعتدلة، وتدبير أمر المعاش والمعاد. وقيل بتسليطهم على ما في الأرض وتسخيره لهم. وقيل: كل شيء يأكل بفيه إلا ابن آدم. وعن الرشيد: أنه أحضر طعاما فدعا بالملاعق وعنده أبو يوسف، فقال له: جاء في تفسير جدك ابن عباس قوله تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) جعلنا لهم أصابع يأكلون بها، فأحضرت الملاعق فردّها وأكل بأصابعه (عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا) هو ما سوى الملائكة، وحسب بني آدم تفضيلا أن ترفع عليهم الملائكة وهم هم ومنزلتهم عند الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وهذا نحو قوله: (وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا) [الشمس: ١٥]، أي لايخاف الله عاقبتها وتبعتها، كما يخاف كل معاقبٍ من الملوك فيُبقي بعض الإبقاء.
قوله: (وحسبُ بني آدم تفضيلا)، يعني: دل قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) على كرامتهم، ويكفيهم من هذه الكرامة أن يكونوا دون الملائكة فيها ونازلين عن منزلة الذين هم المشهورون الكاملون وبقرب من الله معروفون، أو يكونوا مفضلين على غيرهم، كما تقول: يكفيك من الشرف أن تكون ثاني الأمير في المنزلة.
قوله: (وهُم هُم)، وقوله: "ومنزلتُهم منزلتهم"، مثلُ قول أبي النجم: