وخذلوا حتى سلبوا الذوق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كثير ممن خلقه، لا على الكل، وقال قومٌ: فضلوا على جميع الخلق وعلى الملائكة كلهم، وقد يوضع الأكثر موضع الكل، كما قال تعالى: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ) إلى قوله: (وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ) [الشعراء: ٢٢١ - ٢٢٣]، وفسر المصنف في قوله: (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً) [يونس: ٣٦] الأكثر: بالجميع.
قوله: (سبوا الذوق)، أراد بالذوق: ما تجده نفس الفطن الذكي من التفاوت بين اللفظين، ووضع جميع موضع كثير، فإن هذا التركيب من باب تعليق الحكم بإحدى صفتي الذات للدلالة على نفي الحكم عما عداه، ومعناه: أنه حصل في المخلوقات ما لا يكون الإنسان أفضل منه، وهم الملائكة، وهذا تقدير الإمام، وإلا فأي فائدة في العدول من لفظ الكل والجميع إليه؟
ونحوه ما رُوي عن أبي عبيدة - وهو من علماء العربية- أنه قال في مثل قولهم: الميتُ اليهودي لا يُبصر، أنه يتبادر منه إلى الفهم أن الميت المسلم يبصر، ولذلك يتعجب ويضحك منه كل أحد، وألا لم يكن لذلك الضحك والتعجب وجه.
ولعل إحالته إلى الذوق تعريض بأصحابه الذين منعوا القول بالمفهوم، فنقول: الظاهر أن المفضل عليه كثيرٌ، و (مِمَّنْ خَلَقْنَا): بيان له، وفي الحقيقة بالعكس على ما سبق في قوله تعالى: (كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنْ اللَّيْلِ مُظْلِماً) [يونس: ٢٧]، قال: عامل (مُظْلِماً)


الصفحة التالية
Icon